وقوله: (والتعمق والنظر في ذلك ذريعة الخذلان، وسلم الحرمان، ودرجة الطغيان).
التعمق: التكلف في البحث. والنظر: التفكر.
فالتعمق والنظر في أسرار القدر والبحث عن ذلك، يقول المؤلف إنه: (ذريعة الخذلان، وسلم الحرمان، ودرجة الطغيان) هذه كلمات متقاربة مقصودها: أن التعمق والنظر سبب الشقاء الهلاك، والمصنف من منهجه في هذه الرسالة أنه يتحرى السجع، وتنويع العبارات.
والخذلان: عدم التوفيق، ((إِنْ يَنْصُرْكُمُ اللَّهُ فَلا غَالِبَ لَكُمْ وَإِنْ يَخْذُلْكُمْ فَمَنْ ذَا الَّذِي يَنْصُرُكُمْ مِنْ بَعْدِهِ)) [آل عمران: 160] فالتعمق والنظر في أسرار القدر سبب لخذلانه وعدم توفيقه وحرمانه من الاستقامة، وسبب للطغيان فالذي يبحث ويخوض ويتعمق قد طغى وتعدى حده، قف فأنت ضعيف وعبد ومحدود الإدراك، ولا تطلب ما ليس لك، ولا ترم ما لا سبيل لك إليه ولا قدرة لك عليه.
فالتعمق والنظر سبب لكل شر وشقاء وهلاك، فإنه يضرب في متاهة لا ينتهي فيها إلى حدود.
وقوله: (فالحذر كل الحذر من ذلك نظرا وفكرا ووسوسة؛ فإن الله تعالى طوى علم القدر عن أنامه، ونهاهم عن مرامه، كما قال تعالى في كتابه: ((لا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ)) [الأنبياء: 23]).
يؤكد المؤلف ما سبق، بعدما بين خطورة الخوض في أسرار القدر بالكلمات السابقة قال: فالحذر كل الحذر من التعمق والبحث في أسرار