وهذا المعنى الذي ذكره مستمد من النصوص، قال تعالى: ((إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ)) [الأنفال: 75]، وقال تعالى: ((إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ حَكِيمٌ)) [التوبة: 28]، فوَصْفه تعالى بالعلم التام يقتضي أنه سبحانه يعلم ما سيكون تماما من كل الوجوه، يعلم من يدخل الجنة وعددهم ومنازلهم ومراتبهم بعلم مفصل، وليس علما إجماليا.
وقوله: (فلا يزاد في ذلك العدد ولا ينقص منه).
بل العدة قد انقضت، فعدة البشر قد سبق علم الله وكتابه بها من آدم إلى آخر من يخلقه الله من هذا الجنس البشري.
وقوله: (وكذلك أفعالهم فيما علم منهم أن يفعلوه).
وكذلك علم أفعالهم: طاعاتهم ومعاصيهم وما ليس بطاعة ولا معصية، قد أحصاه ((وَأَحْصَى كُلَّ شَيْءٍ عَدَدَاً)) [الجن: 28].
وقوله: (وكل ميسر لما خلق له).
لما أخبر الرسول - صلى الله عليه وسلم - بأنه (ما من نفس إلا وقد علم مكانها من الجنة ومكانها من النار، قال رجل: أفلا نتكل على كتابنا وندع العمل؟ فقال: اعملوا فكل ميسر، أما أهل السعادة فييسرون لعمل أهل السعادة، وأما أهل الشقاوة، فييسرون لعمل أهل الشقاوة) (?) وسئل النبي - صلى الله عليه وسلم -: (أرأيت ما يعمل الناس اليوم ويكدحون فيه أشيء قضي عليهم ومضى فيهم من قدر قد سبق أو فيما يستقبلون به مما أتاهم به نبيهم وثبتت الحجة عليهم؟ فقال: لا؛ بل شيء قضي عليهم ومضى فيهم، وتصديق ذلك في كتاب الله عز وجل: (ونفس وما سواها فألهمها فجورها وتقواها) (?) ومعنى ذلك أن الله تعالى يجري الأمور على ما وفق ما سبق به علمه وكتابه، فيُيسير للعبد طريقه ويجعله مهيئا سالكا وهو يسلكه باختياره ومشيئتِه، ولكن مشيئتُه واختياره محكومان بمشيئة الرب