وقوله: (موسوسا تائها)
فيبقى متذبذبا بين هذه الأضداد (موسوسا تائها) فالوساوس التي يلقيها الوسواس الخناس تجعله في حيرة، فما يخطر بالبال من شبهات وأفكار تعارض الحق كلها من إلقاء الشيطان، فهو مسلط على الإنسان، والإنسان مبتلى بالشيطان، هو عدو خفي، والله سبحانه وتعالى أقدره على أن يوسوس للإنسان، والقلب بين حالتين:
بين لَمَّةِ الملك، ولَمَّةِ الشيطان؛ فلمة الملك لقلب المؤمن المسلم، أما الكافر فقد أحاط الشيطان به، وليس للملك فيه لمة، «فلمة الملك إيعاد بالخير وتصديق بالحق، ولمة الشيطان إيعاد بالشر وتكذيب بالحق»، (?) فالشيطان يوسوس، فيبقى هذا المتكلف الذي لم يوفق للتسليم متذبذبا موسوسا، فقلبه في هذه الوساوس فتجعله في تردد، كما قال سبحانه في المنافقين: ((فَهُمْ فِي رَيْبِهِمْ يَتَرَدَّدُونَ)) [التوبة: 45] فهو يتقلب، فتارة يكون مؤمنا، وتارة كافرا، وتارة حائرا.
وقوله: (شاكا زائغا) أي: مترددا تائها، زائغا منحرفا، قال تعالى: ((فَلَمَّا زَاغُوا أَزَاغَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ)) [الصف: 5] ((وَإِذَا مَا أُنزِلَتْ سُورَةٌ نَظَرَ بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ هَلْ يَرَاكُمْ مِنْ أَحَدٍ ثُمَّ انصَرَفُوا صَرَفَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لا يَفْقَهُونَ)) [التوبة: 127] فهذه آثار عدم التسليم، وعكس ذلك من كان مُسَلِّما لله عز وجل، ولرسوله - صلى الله عليه وسلم - قد قام دينه على التسليم، فأصبح ثابت القلب ليس عنده تردد ولا تذبذب ولا حيرة ولا قلق، بل هو يسير على صراط واضح مستقيم، يمشي بنور من الله، قال تعالى: ((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ