يقتربون جدا من الجهمية، والمعتزلة، فليس بينهم كبير فرقٍ؛ لأن النزاع في هذا القرآن الذي يحفظه المسلمون، ويسمعونه، ويتلونه، ويكتبونه.

وأهل السنة والجماعة عندهم: أن القرآن كلام الله على الحقيقة كيف ما تصرف: مكتوبا، ومحفوظا، ومسموعا، ومتلوّا.

فالكلام المكتوب في المصاحف هو كلام الله، وما في صدورِ حَفَظَةِ القرآن هو كلام الله، وما يتلوه التالون هو كلام الله، لكن الصوت صوت القارئ، والكلام المتلو كلام البارئ، وكل عاقل يفرق بين الكلام الذي يبتدؤه المتحدث، وبين كلام غيره حين يقرأه، فالكلام إنما يضاف حقيقةً إلى من قاله مبتدئا لا إلى من قاله مبلغا مؤديا.

فإذا سمعت إنسانا يقرأ حديث «إنما الأعمال بالنيات» (?) تقول: هذا قول الرسول - صلى الله عليه وسلم -، ولا تقول هذا كلام الذي قرأ الحديث؛ لأن القارئ يقرأ كلام النبي - صلى الله عليه وسلم -.

وإذا سمعته ينشد قصيدة للشاعر امرئ القيس فإنك لا تقول: هذا كلام فلان الذي ينشد القصيدة بل تقول: هذا كلام امرئ القيس (?).

فالقرآن هو (كلام الله تعالى بالحقيقة، ليس بمخلوق)، كما تقول: الجهمية، والمعتزلة، والأشاعرة (ككلام البرية) فالبشر وكلامهم، وأفعالهم، وصفاتهم مخلوقة.

وقوله: (فمن سمعه فزعم أنه كلام البشر فقد كفر، وقد ذمه الله وعابه، وأوعده بسقر حيث قال تعالى: {سأصليه سقر}).

من سمع القرآن فزعم أنه كلام البشر، أنشأه محمد فهو كافر، مكذب للرسول - صلى الله عليه وسلم -، مفتر على الله تعالى، وعلى رسوله - صلى الله عليه وسلم -.

ويشير المؤلف إلى الآيات من سورة المدثر النازلة في الوليد بن

طور بواسطة نورين ميديا © 2015