واعلم أن الله سبحانه وتعالى إذا رضي عن العبد أرضى الناس عنه، وإذا سخط على العبد اسخط الناس عليه، فإذا كنت تريد أن يرضى الناس عنك فاتبع رضا الله، ولكن لا تتبع رضا الله من اجل أن يرضى الناس عنك، فتطلب الأعلى للأدنى، ولكن اجعل رضا الله هو الأصل، وثق بان الله إذا رضي عنك رضي عنك الناس، ولكن إياك أن تنوي بطلب رضا الله رضا الناس فتكون متوسلا بالأعلى إلى الأدنى؛ لأنه ربما إذا نويت هذه النية لا يرضى الله عنك، وحينئذ يفوتك مقصودك مع ضعف مقصودك.
قال: (والعفو والغفران) العفو عن ترك الواجبات، والغفران عن فعل المحرمات، هذا إذا اقترن العفو بالمغفرة، أما إذا انفصل أحدهما عن الآخر فكل واحد منهما يتضمن معنى الثاني، لكن إذا قيل عفا الله عنك وغفر لك، صار عفا الله عنك ما أهملته من واجبات، وغفر لك ما اقترفته من سيئات؛ لان الغفر بمعنى الستر مع التجاوز، والعفو بمعنى النزول عن الحق والإبراء منه.
وقوله: (والعفو والغفران ما نجم أضا) يعني مدة إضاءة النجم، وهذا طويل إلى ما لا نهاية له، وأيضا يقول: (ما نجم) فهو نكرة يشمل كل نجم.
وقوله: (وحله وسائر الأئمة) يعني أنزله وأنزل سائر الأئمة (منازل الرضوان أعلى الجنة) . الأئمة يعني أئمة الإسلام، وليس المراد بذلك الأئمة الأربعة فقط، بل هو شامل لكل إمام في دين الله من الأئمة الأربعة وغيرهم، وسواء كان إماما في الخلافة وتدبير الملك، أو إماما في العلم وتوجيه الناس، فإنه يدخل تحت قوله:
وحله وسائر الأئمة منازل الرضوان أعلى الجنة