العلوم ينبغي أن يرقى الطالب درجة، أما أن تقفز به من أسفل درجة لأعلى درجة فهذا لا يمكن، وربما يكون في ذلك ضرر كبير عليه، فإنه إذا لم يفهم انغلق ذهنه، يعني يحصل له رد فعل فلا يعرف من المسائل شيئا، حتى لو كررت عليه مائة مرة، لكن إذا بدا يتلقى العلم كما يتلقى الطفل اللبن يمصه شيئا فشيئا فإنه ينتفع به.
وأما التربية الخلقية فينبغي للمعلم أن يبحث مع طلابه هل طبقوا العلم أو لم يطبقوه، وأن يتفقدهم، وإذا ذكر له عن شخص مخالفة، يتكلم معه بالكلام الذي يناسب، وفي الوقت المناسب، وفي المكان المناسب، أما أن يملأهم من العلوم ويدعهم من العمل فهذا بلا شك قصور جدا؛ لان ثمرة العلم هي العمل، فإذا لم نعمل فإن علمنا أدنى من الحبر على الورق.
إذاً العالم الرباني من اخلص لله في علمه ونفع عباد الله به، ورباهم في ذلك تربية علمية وخلقية.
وقوله: (رب الحجى) : (رب) بمعنى صاحب، و (الحجى) : بمعنى العقل: يعني صاحب العقل.
وقوله: (ماحي الدجى) : أي الظلمة بما لديه من نور الرسالة وهذا علمه بالأثر.
فالإمام أحمد رحمه الله عنده علم المعقول وعلم المنقول، ومن راجع كتبه ورسائله عرف أن الرجل يتكلم بالمعقول كما يتكلم بالمنقول، وإن كان هو في علم الأثر أقوى منه في علم النظر؛ لان الأمة الإسلامية في عهده لم