ثم قال المؤلف رحمه الله تعالى:
182- ومن نهى عما له قد ارتكب ... فقد أتى بما به يقضى العجب
ـــــــــــــــــــــــــــــ
الشرح
قوله: (من) شرطية، و (فقد) جواب الشرط، (عما له قد ارتكب) في بعض النسخ (عن ما) وهذا غلط،؛ لأن ألذ يقرؤها على هذا يحسبها عن ماله، وقوله (ومن نهى عما له قد ارتكب ... الخ) ، أي: عن الذي هو يرتكبه، وهنا يقصد المؤلف أن من ينهي عن شيء وهو يرتكبه، فإنه فعل ما يدعو إلى العجب.
فمثلاً إذا نهى الإنسان عن شيء يرتكبه، مثل أن يرى رجلاً يتعامل بالربا فيقول له: يا فلان اتق الله ولا تتعامل بالربا، فإن الربا من كبائر الذنوب، وهو نفسه له محل يتعامل بالربا فيه، هذا عجب، وهذا يقضى به العجب
إذ كيف ينهى عن شيء هو يفعله؟! ولو كان باطلاً ما فعله، وإن فعله وهو يعتقد أنه باطل فهو سفيه، لقول الله تبارك وتعالى في بني إسرائيل: (أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنْسَوْنَ أَنْفُسَكُمْ وَأَنْتُمْ تَتْلُونَ الْكِتَابَ أَفَلا تَعْقِلُونَ) (البقرة: 44) ، وقال تعالى لهذه الأمة: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لا تَفْعَلُونَ) (الصف: 2) (كَبُرَ مَقْتاً عِنْدَ اللَّهِ أَنْ تَقُولُوا مَا لا تَفْعَلُونَ) (الصف: 3) .، فهذا من كبائر الذنوب. ولهذا يؤتى بالرجل يوم القيامة فيلقى في النار حتى تندلق اقتاب بطنه - يعني أمعاءه - فيدور عليها كما يدور الحمار على رحاه، فيجتمع إليه أهل النار فيقولون: يا فلان مالك؟ ! ألست تأمرنا بالمعروف وتنهانا عن المنكر؟! فقول: كنت آمركم بالمعروف ولا آتيه وأنهاكم عن المنكر وآتيه)) (?) وهذا