اترك كذا؛ فإن هذا آمرٌ وناهٍ.
أما التغيير فهو أن يغير الإنسان منكراً بنفسه، بأن يكون دعا صاحب المنكر إلى تركه ولكن أبى، أو أمر تارك المعروف أن يفعله ولكن أبى، فهذا يغير؛ بأن يُضرب ويحبس ويكسر آلة اللهو وما أشبه ذلك.
وقد قيد الرسول عليه الصلاة والسلام التغيير، ولم يقيد الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، قال: ((والله لتأمرن بالمعروف ولتنهون عن المنكر ولتأخذن على يد السفيه ولتأطرنه على الحق أطرا)) (?) ، وما قال: إن استطعتم، لكن قال: ((من رأى منكم منكراً فليغيره بيده فإن لم يستطع فبلسانه)) (?)
إذاً فالتغيير غير الدعوة والأمر أو النهي؛ فالتغيير فيه سلطة وقدرة، والأب في بيته داعٍ آمر مغير، لأن له سلطة، ورجل الحسبة في المجتمع داعٍ وآمر ومغير، لكن ليس التغيير لكل أحد، فما كل أحد يستطيع أن يغير، فقد يغير الإنسان ويلحقه من الضرر ما لا يعلمه إلا الله، بل يلحق غيره أيضاً ممن لم يشاركه في التغيير كما هو الواقع.
ولهذا قال المؤلف رحمه الله هنا: (زل باليد) أي غير باليد، فإن لم تستطع قال: (واللسان) ، والمؤلف رحمه الله رتبها ترتيباً محلياً لا لفظياً، فلم يأت بثم الدالة على الترتيب، أو بالفاء، أو ما أشبه ذلك، لكن تقديم بعضها على بعض يدل على الترتيب، ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((إن الصفا والمروة من شعائر الله. أبدا بما بدأ الله به)) ، مع أن الله قال: (إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ) (البقرة: الآية158) ولم يقل ثم المروة. إذاً فالأول: التغيير باليد، والثاني: التغيير باللسان.