إلا ما ندر، ولهذا جاء التعبير النبوي: ((فإن لم تستطع)) ولم يأت حديث واحد فيه: (مروا بالمعروف فإن لم تستطيعوا) فدل ذلك أن التغيير شيء والأمر شيء آخر.
وقوله: (فاصبر وزل باليد واللسان) واليد في وقتنا هذا لا تكون إلا من ذي سلطان، وإنما كان الأمر كذلك لئلا يصبح الناس فوضى.
وعلى كل حال فنحن نقول: إن التغيير شيء لا يكون إلا من ذي سلطان وهو حق؛ لأنه لو جعل التغيير باليد لكل إنسان لأصبح من رأى ما يظنه منكراً منكراً عنده، فأتلف أموال الناس من أجل أنه منكر، فمثلاً يرى بعض الناس أن المذياع منكر، فإذا مر هذا برجل قد فتح المذياع يسمع الأخبار، وقلنا غير باليد، فإنه يكسر المذياع مع أنه ليس له حق في أن يكسره.
فلو جعل التغيير في وقتنا الحاضر لغير ذي سلطان لأصبح الناس فوضى، وتقاتل الناس فيما بينهم.
ومنذ سنوات حدث أن دخل حاج من الحجاج إلى مسجد مطار جدة ومعه مذياع، فقام رجل حبيب طيب ينهى عن المنكر أمام المصلين، وقال: نعوذ بالله؛ يأتي أحدكم بالمذياع مزمار الشيطان ويجعله معه في المسجد ... وهو مذياع فيه تسجيل. فهذا لعله يسمع أخباراً يسجلها تنفعه، فقام الحاج يتكلم كلاماً عظيماً منبهراً: هل هذا حرام؟! نحن جئنا لنحج ولا نبتغي الحرام.
فقلت لهم: اطمئنوا فإنه حلال إن شاء الله، لكن إياكم أن تفتحوه على الأغاني والموسيقى، فإن هذا حرام، أما الأخبار والقرآن والحديث فهذا ليس