ثم قال رحمه الله تعالى:
181- فاصبر وزل باليد واللسان ... لمنكر واحذر من النقصان
ـــــــــــــــــــــــــــــ
الشرح
قوله رحمه الله: (فاصبر) ، الصبر: حبس النفس عن التسخط وعن الحجام، فلا تحجم ولا تتسخط، وهذا مأخوذ من قوله تعالى: في سورة لقمان: (يَا بُنَيَّ أَقِمِ الصَّلاةَ وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ إِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ) (لقمان: 17) فلابد من صبر.
وإنما أمر الله بالصبر عند ذكر الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر إشارة إلى أن الآمر والناهي سوف يلقى الأذى، وربما يلقى الضرر، فيقال للآمر بالمعروف والناهي عن المنكر مثلاً: هذا متشدد، هذا مطوع، ويقال هذا على سبيل السخرية، وسيتكلم الناس عليه بكلام كثير.
فموقف الآمر الناهي في ذلك كله هو الصبر، وليعلم أنه ما أوذي أذية في ذلك إلا كتب الله له فيها أجراً، وقربه إلى العاقبة الحميدة، لأن الله تعالى قال: (تِلْكَ مِنْ أَنْبَاءِ الْغَيْبِ نُوحِيهَا إِلَيْكَ مَا كُنْتَ تَعْلَمُهَا أَنْتَ وَلا قَوْمُكَ مِنْ قَبْلِ هَذَا فَاصْبِرْ إِنَّ الْعَاقِبَةَ لِلْمُتَّقِينَ) (هود: 49) .
وكلما اشتد الأذى قرب الفرج، ومعنى قرب الفرج: أن يفرج الله عنه معنى وحساً، أما التفريج حسا فظاهر؛ بأن يزول عنه الكبت والمنع والأذى، وأما معنى - وهو أهم - فبأن يشرح الله صدره، ويعطيه الطمأنينة في قلبه، ويصبر ويحتسب، ويرى العذاب في ذات الله عذباً.
ويقال إن شيخ الإسلام رحمه الله لما حبسوه وأغلقوا عليه الباب، قال (فَضُرِبَ بَيْنَهُمْ بِسُورٍ لَهُ بَابٌ بَاطِنُهُ فِيهِ الرَّحْمَةُ وَظَاهِرُهُ مِنْ قِبَلِهِ الْعَذَابُ)