إذاً لابد الآن أن نعرف من هو الإمام، وبم تثبت الإمامة، وما حق الإمام على الرعية، وما حق الرعية على الإمام، وما طريق السلف في معاملة الأئمة الظلمة والمنحرفين، حتى نمشي على طريقهم، ونكون أمة سلفية، وحتى لا نبرئ أنفسنا نحن من النقص، بل نحن ناقصون؛ إذا قارنت بين أعمالنا وعقائدنا وبين ما كان عليه الصحابة، وجدت أن الفرق بيننا وبينهم كالفرق بين زماننا وزمانهم، وأن الفرق كبير.
وإذا كان الأمر كذلك، فكيف نريد أن يكن لنا ولاة كأبي بكر وعمر وعثمان وعلي؟! فهذا ظلم، وهذا تأباه حكمة الله عز وجل، ولهذا جاء في الأثر: كما تكونون يولى عليم، فكيف نريد أن يكون خلفاء الأمة الإسلامية الآن كخلفاء الأمة الإسلامية في عهد الخلفاء الراشدين ونحن على هذه الحال؛ كذب وغش وظلم وسوء عقيدة وغير ذلك؟!
ويذكر أن عبد الملك بن مروان شعر بأن الناس قد ملوه أو عندهم شيء من التمرد عليه، فجمع وجهاء القوم وأعيانهم وتكلم فيهم وقال لهم: أتريدون أن نكون لكم كأبي بكر وعمر؟ قالوا: نعم. قال: إن كنتم تريدون ذلك فكونوا لنا كالذين كانوا لأبي بكر وعمر، فأقام عليهم الحجة.
وكذلك أيضاً ينقل عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه أن رجلاً خارجياً قال له: يا علي، كيف دان الناس لأبي بكر وعمر ولم يدينوا لك؟ قال: لأن أبا بكر وعمر كان رجالهم أنا وأمثالي، وكان رجالي أنت وأمثالك. فأقام عليه الحجة.
فالمهم أنه لا يمكن أن نطمع في أن يكون ولاة أمورنا كأبي بكر وعمر وعثمان وعلي رضي الله عنهم ونحن على الحال التي تشاهد؛ ولا شك في أن البيت الذي فيه ثلاثة نفر يكون فيه أربعة آراء! فأين الوفاق فينا؟ وأين