من أمور الغيب التي لا مجال للعقل فيها، فيوردون أشياء هي في الحقيقة تدخل في قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((هلك المتنطعون)) (?) ، قالها ثلاثا. وصدق والله رسول الله صلى الله عليه وسلم، كل إنسان يتنطع فهو هالك ولابد، ولو لم يكن من هلاكه إلا مخالفته طريق الصحابة.
لذا فنحن نقول: ليت المؤلف لم يتكلم بهذا إذ لا فائدة لنا منه. هذا من الناحية العقلية، ومن الناحية الأثرية فإن ذلك لم يكن في أسلافنا من الصحابة، ولم يخوضوا في هذا الأمر.
لكن مع ذلك خاض الناس واضطر بعض من يكره الخوض في هذا إلى أن يخوض فيه ويتكلم؛ لئلا يترك المجال لمن لا يصلح أن يتكلم فيه، وهذا كثير في العقائد وغير العقائد.
فمثلاً وجد من يتكلم في العقائد فيقول مثلاً: هل الله جسم أو غير جسم؟ ثم يقول: ليس بجسم، ثم يبني على ذلك جميع الصفات التي ينكرها بهذه الحجة، وهل الله في جهة أو ليس من جهة؟ وهل الله يحد أو لا يحد؟ هل الصحابة سألوا الرسول صلى الله عليه وسلم عن ذلك أو بحثوا فيه؟ فينبغي لنا أن نسكت كما سكتوا، فلا وسع الله على من لم يسعه ما وسعهم.
لكن لما اضطر علماء السنة إلى الكلام في هذا بناء على أن غيرهم تكلم، قالوا: لم نكن ندع المجال والميدان لهؤلاء الضلال يتلاعبون به، بل لابد أن نخوض ونبين الحق.
فمثلاً في مسألة الجسم قالوا: إذا كان المراد بالجسم أن الله - سبحانه وتعالى - مكون من أشياء يمكن فقدها مع بقاء الجسم، أو لا يمكن بقاء الجسم