السنة والجماعة: إن ترتيبهم في الفضيلة كترتيبهم في الخلافة: تولى عثمان رضي الله عنه الخلافة لا بنص من عمر وتعيين، ولا باجتهاد مطلق من الرعية، فتوليه للخلافة أمر غريب لم يكن معروفاً؛ لأن عمر لما طعن وقيل له: استخلف على الأمة، قال: إن استخلف فقد استخلف من هو خير مني -يعني أبا بكر -، وإن لم أستخلف فقد ترك من هو خير مني - يعني رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم - وقال: لو كان أبو عبيدة حياً لاستخلفته، يقصد أبا عبيدة عامر بن الجراح؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((إنه أمين هذه الأمة)) (?) .
فسبحان الله كانوا رضي الله عنهم لا ينظرون إلى شرف قبيلة، ولا إلى سيادة قوم، بل ينظرون إلى المعاني الشرعية، فقد قال النبي عليه الصلاة والسلام: ((أمين هذه الأمة أبو عبيدة عامر بن الجراح)) ، فقال عمر رضي الله عنه: لو كان حيا لاستخلفته (?) ، ولكنه مات قبل عمر، ثم جعل الأمر شورى بين الستة الذين توفي عنهم رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو عنهم راض، فلما توفي جلس هؤلاء للتشاور واستقر الأمر على عثمان، وكان أكثر أهل المدينة يختارون عثمان، فبويع عثمان بالخلافة مبايعة شرعية؛ بايعه عليها علي بن أبي طالب، وبقية أصحاب الشورى وغيرهم، وأجمعت الأمة على ذلك، وصار الخليفة الثالث بإجماع المسلمين.
ولهذا قال الإمام احمد رحمه الله: من طعن في خلافة واحد من هؤلاء فهو أضل من حمار أهله (?)