فهذه من خصائصه، أما غيره من الأنبياء فإنه يبعث إلى قومه خاصة. فمثلاً إذا كان في الأرض أقوام متعددة فإن الرسول يبعث إلى قومه الذي هو في أرضهم، أو في غير أرضهم لكنه يبعث إليهم خاصة.
ولا يرد على هذا نوح عليه الصلاة والسلام؛ لأن القوم في عهد نوح هم قومه، إذ كان الناس في ذلك الوقت قليلين لم يتفرقوا شعوباً وأقواما، فكان مبعوثاً إلى الخلق عموماً؛ لأن الخلق في ذلك الوقت ليس فيهم أقوام، ولهذا اهلك المكذبون له وصار الذي بقوا ممن على السفينة هم آباء الخلق كلهم، كما قال تعالى: (وَجَعَلْنَا ذُرِّيَّتَهُ هُمُ الْبَاقِينَ) (الصافات: 77) ، أي ذرية نوح. وبهذا ينكف الإيراد الذي أورده بعض العلماء حيث قال: إن نوحاً أرسل إلى جميع أهل الأرض؟ وجواب هذا الإيراد أن جميع أهل الأرض هم قومه في ذلك الوقت، وليس هناك أقوام آخرون، لكن في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم هناك أقوام آخرون؛ فهناك الفرس والروم والبربر وغيرهم، وهو مبعوث إليهم جميعا.
فمن نعمة الله على النبي صلى الله عليه وسلم أن الله تعالى أرسله إلى جميع الخلق، لأنه يلزم من ذلك أن كل من عمل بشريعته ناله من أجره، ولهذا رفع له سواد عظيم فظن أنهم أمته فقيل له: هذا موسى وقومه، ثم رفع له سواد عظيم أعظم من الأول وقيل له: هذه أمتك (?) .
فأمة النبي صلى الله عليه وسلم أكثر الأمم، وأجره أكثر أجر الأنبياء؛ لأن كل واحد من