فالرسالة كرامة من الله عز وجل؛ سواء تمكن الرسول من بث رسالته وانتفع به الخلق أم لم يتمكن، فإن الرسول صلى الله عليه وسلم رأى الأنبياء، رأى النبي ومعه الرهط، والنبي ومعه الرجل والرجلان، والنبي وليس معه أحد، وكلهم مكرمون، لكن لا شك أن من منّ الله عليهم بكثرة الإتباع أعظم إكراماً ممن دون ذلك.
فإن قيل: كيف نجمع بين قول النبي صلى الله عليه وسلم: ((يأتي النبي وليس معه أحد)) (?) . وقوله: (مامن نبي بعثه الله في أمة قبلي إلا جعل الله له حواريين) (2) (?) .
فالجواب: إما أن يكون المراد بالحديث الثاني ذوي العزم من الرسل أو أنه يستثني من الحديث الثاني ما دل عليه الحديث الأول؛ لأن الأنبياء كثيرون. وقوله: (وشرط من أكرم بالنبوة حرية ... الخ) النبوة لها شروط:
الشرط الأول: ذكره المؤلف رحمه الله في قوله: (حرية) يعني شرطه أن يكون حراً لا رقيقاً، والرقيق هو المملوك، العبد الذي يباع ويشترى، فهذا لا يكون نبياً ولا رسولاً؛ وذلك لأن الرق وصف نازل عن الحرية، فالرقيق مملوك يملكه سيده، يباع، ويشترى، ويستخدم، فلا يمكن أن يكون هذا قائدا؛ لأنه هو نفسه مملوك مقود؛ فكيف يكون قائداً. إذا لابد أن يكون النبي حراً.
واعلم أن هذه الشروط شروط لما وقع لا لما سيقع؛ لأنه لا يمكن أن يقع