والمهم أننا لا نستطيع أن نحدد من أي ماهية هي، ولا أن نحدد هل هي نور مشع أو غير مشع. ولما كانت من أمر الغيب فإننا نقتصر فيها على ما ورد فقط، ونقول: إذا مات الإنسان اتبع بصره روحه ينظر إليها، وإذا قبضت روحه فإنها تجعل في كفن ويصعد بها إلى السماء، ونقتصر على ذلك ولا نتعداه؛ لأن هذا أمر لا نحيط به.
قال رحمه الله: (وأن أرواح الورى لم تعدم) قوله (الورى) يعني بذلك الخلق، ثم قال: (مع كونها مخلوقة فاستفهم) قوله: (مخلوقة) هذا رد على الفلاسفة الذين يقولون: إنها قديمة وإنها ليست حادثة. وعقيدتنا أنها مخلوقة، لقوله تعالى: (اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ) (الزمر: 62) .
واعلم أن هناك فرقا بين الروح والنفس، فالروح ما به حياة البدن، أما النفس فقد يراد بها الإرادة، كما يقال: أمرت نفسي بكذا، وكقوله تعالى: (إِنَّ النَّفْسَ لَأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ) (يوسف: الآية53)
وقد أطال ابن القيم رحمه الله في كتاب الروح الكلام في هذه المسائل، لكن هذا الكتاب فيه أشياء قد يشك في صحتها الإنسان.
ثم قال المؤلف رحمه الله: (فكل ما عن سيد الخلق ورد) فكل: مبتدأ. وسيد الخلق: هو رسول الله صلى الله عليه وسلم، والسيد هو ذو الشرف والجاه، فرسول الله صلى الله عليه وسلم أشرف الخلق جميعا على الإطلاق، قال الناظم:
وأفضل الخلق على الإطلاق ... نبينا فمل عن الشقاق
ولا شك أن نبينا صلى الله عليه وسلم سيد ولد آدم، كما أخبر عن نفسه وهو الصادق