الذين قالوا: إن للإنسان عمرين؛ عمراً إن وصل، وعمراً إن قطع، ورزقين؛ رزقاً إن وصل، ورزقاً إن قطع، وهذا غير صحيح؛ لأن هذا يؤدي إلى أن يكون الله تعالى غير عالم بالمآل، وهذا خطأ ونحن نقول: إن الله عالم بالمآل، فهو عالم بأن هذا يصل ويطل عمره ويبسط له في رزقه، وهذا لا يصلْ فيقصر عمره وينقص رزقه، وهذا عند الله معلوم، وهو شيء واحد لا يتغير، لكنه عندنا غير معلوم، ولهذا حثنا الرسول عليه الصلاة والسلام على أن نصل الرحم.
ونظير ذلك أيضاً في مسالة الزواج إذا قيل: ((من أحب أن يولد له فليتزوج) ، فالمراد بهذا الحث على الزواج، وإلا فنحن نعلم أن الله كتب لهذا الرجل أن يتزوج ويولد له، أو ألا يتزوج ولا يولد له.
والحاصل أن الإنسان إذا علم أن الشيء مكتوب بأسبابه - فطول العمر مكتوب بسببه، وسعة الرزق مكتوبة بسببه، الذي هو الصلة، لكن نحن لا نعلم، فالمقصود من مثل هذا القول من رسول الله صلى الله عليه وسلم الحث على صلة الرحم وأنه سبب.
والدعاء أيضاً سبب لحصول المقصود فمن أحب أن يرزق فليسأل الله الرزق، فالسؤال سبب، ولو قال قائل: إذا كان الله قد كتب لك الرزق فلا حاجة لك في السؤال، لكان هذا غلطاً، ففعل الأسباب التي جاءت بها الشريعة، أو شهد بها الواقع أمر مطلوب للشرع، والله تعالى بحكمته قد ربط المسببات بأسبابها، فلا إشكال والحمد لله في الحديث، إنما هو ذلك لسبب يكون عند الله معلوماً مكتوباً، وعندنا غير معلوم، إنما الشيء الذين خاطب به أن نفعل السبب.