ولا يمكن أن يستغني عنها، والحاجة ما يفقد الكمال بفقدها لكن يمكن أن يستغني عنها، إذاً فالحاجة كمالية والضرورة ضرورية.

فمثلاً الكتب التي نقرؤها في المقررات ضرورية وليست كمالية؛ لأنه لولا وجود الكتب لصار علينا ضرر، والكتب التي للمراجعة وزيادة العلم حاجية؛ لأنه يفوت بفقدها الكمال، ولا يحصل بفقدها الضرر، وعلى هذا فالله عز وجل ليس محتاجاً إلى الخلق بمعنى أنه لو لم يوجد هذا الخلق لفات كماله، وليس هناك ضرورة إلى وجودهم من باب أولى.

فأفعال الله التي يفعلها لا يفعلها لحاجته إليها ولا لضرورته إليها، ونحن نفعل الأفعال لحاجتنا إليها، فنتكسب لنزداد من المال وهذه حاجة، ونتكسب لننقذ أنفسنا من الهلاك وهذه ضرورة.

لكن الله عز وجل يفعل بلا حاجة ولا اضطرار، لأن الله عز وجل يقول (وَاللَّهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ) (فاطر: الآية 15) ، فهو غني عن كل أحد، حميد على كل فعل وعلى كل صفة، فلا يفعل حاجة ولا يفعل لضرورة.

فإن قال قائل: هل تنفون حكمة الله في أفعاله؟

فالجواب: لا: لكن الحكمة لا تعود لنفسه بل تعود لغيره، ولهذا قال المؤلف نافيا لهذه الشبهة:

لكنه لم يخلق الخلق سدى كما أتى في النص فاتبع الهدى

يعني لما قال بالأول: أنه يفعل بلا حاجة ولا اضطرار، كأن قائلاً يقول: إذاً خلق الخلق عبث؛ لأنه مادام ليس هناك حاجة ولا اضطرار فإنه يكون عبثاً فنفى المؤلف رحمه الله هذا الوهم، فقال: (لم يخلق الخلق سدى)

طور بواسطة نورين ميديا © 2015