الجمع اثنان شرعاً ولغةً؛ أما لغةً: فقد قال الله تعالى: (إِنْ تَتُوبَا إِلَى اللَّهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا) (التحريم: الآية 4) ، وهما اثنتان وليس لهما إلا قلبان بنص القرآن؛ قال الله تعالى: (مَا جَعَلَ اللَّهُ لِرَجُلٍ مِنْ قَلْبَيْنِ فِي جَوْفِهِ) (الأحزاب: الآية 4) ، وهما امرأتان؛ إذاً ليس لهما إلا قلبان، وقد جمع فقال قلوبكما، وهذا يدل على أن الجمع قد يراد به الاثنان.

وأما شرعاً: فلأن الإنسان مأمور بصلاة الجماعة، وإذا صلى اثنان أحدهما بالآخر صارا جماعة، وهذه جماعة شرعية، وهما اثنان.

فإذا يكون قوله تعالى: (مِمَّا عَمِلَتْ أَيْدِينَا أَنْعَاماً) (يّس: الآية 71) ، كما لو قال: مما عملت يدانا أنعاما؛ لأن المدلول واحد.

أما الطريق الثاني فنقول: إن اقل الجمع ثلاثة، لكن الجمع هنا لا يراد به حقيقته، وإنما المراد به التعظيم، كما قال الله تعالى: (إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ) (الحجر: الآية 9) ، و (نحن) و (نزلنا) : ضمائر جمع، لكن المراد بها التعظيم، فالأيدي هنا المراد بها تعظيم اليد.

وهناك أيضاً مناسبة لفظية، وهي أن أيدي أضيفت إلى (نا) الدالة على الجمع، فكان جمعها أنسب للمضاف إليه من التثنية، ولهذا لما جعلها الله بالتثنية أضافها إلى مفرد فقال: (لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَي) (صّ: الآية 75) ، وقال: (بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَان) (المائدة: الآية 64) ، فلم يقل: لما خلقت بيدينا، بل قال: بيدي، لكن لما أضافها الله عز وجل إلى ضمير الجمع الدال على العظمة، كان المناسب أن يجمعها ليتطابق اللفظان ولا يحصل بينهما تنافر.

وكذلك في الآية الثانية، قال تعالى: (وَالسَّمَاءَ بَنَيْنَاهَا بِأَيْدٍ وَإِنَّا لَمُوسِعُونَ) (الذاريات: 47) والباني هو الله عز وجل، وبناءً على ذلك هل يكون

طور بواسطة نورين ميديا © 2015