القول الأول: إن المراد بوجه الله وجه الله الحقيقي، وقالوا: إن الآية نزلت في الصلاة، والمصلي أينما توجه فالله قِبل وجهه.
القول الثاني: إن المراد بالوجه الجهة، كقوله تعالى: (وَلِكُلٍّ وِجْهَةٌ هُوَ مُوَلِّيهَا) (البقرة: الآية 148) ، فالمراد أينما تكونوا فثم جهة الله التي أمركم باستقبالها، وتكون الآية نزلت فيمن اشتبهت عليه القبلة فاتجه إلى غير القبلة وهو يريد القبلة، فنقول: هذه جهة صحيحة؛ لأنك اجتهدت وأداك اجتهادك إلى ذلك، أو لصلاة النافلة في السفر، فإن المسافر يصلي حيث كان وجهه.
وعلى كل حال فالآية التي يقول الله تعالى فيها: (وَلِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ الله) ، فيها قولان للسلف، لكن بقية الآيات لا يراد بها إلا الوجه.
والوجه صفة حقيقية ثابتة لله تعالى، منزهة عن مماثلة أوجه المخلوقين، والدليل على أنها حق ثابتة لله تعالى أن الله أثبتها لنفسه، والدليل على أنها لا تماثل أوجه المخلوقين أن الله قال: (لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ) (الشورى: الآية 11) .
فإن قال قائل: إنه ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم انه قال: ((إذا ضرب أحدكم فليتق الوجه فإن الله خلق آدم على صورته) (?) ، وهذا يدل على أن وجه آدم مماثل لوجه الله، وانتم تقولون: إن لله وجها لا يماثل أوجه المخلوقين، فما هو الجواب عن هذا الحديث؟