وأجزاء، مثل اليد، فاليد صفة ثبتت بالخبر، ولولا الخبر لم يهتدِ العقل إليها إطلاقا، بخلاف القدرة، والقدرة ثبتت بالنص، وثبتت أيضاً بالعقل، حيث إن العقل يهتدي إلى أن الله لابد أن يكون قادراً، أما اليد فلا يثبت العقل ذلك إلا بعد ورود الشرع به، وهذه تسمى صفات خبرية، يعني أن مدارها على الخبر المحض، وليس للعقل فيها مجال إطلاقاً.
وهذه الصفات هي التي مسماها أبعاض وأجزاء بالنسبة لنا، فاليد بالنسبة لنا جزء منَّا وبعض، لكن لا يجوز أن نقول: إنها بالنسبة للخالق بعض وجزء؛ لأن البعض أو الجزء هو ما صح انفصاله عن الكل، ومعلوم أن صفات الله تعالى كاليد والقدم لا يمكن أن يتصور فيها أو أن يحكم فيها بجواز الإنفصال، إذاً فلا يصح أن نطلق عليها أنها بعض من الله أو جزء من الله. بل نقول: إنها صفة من صفات الله الذاتية أخبر إله بها عن نفسه فوجب علينا قبولها والإيمان بها.
القسم الثاني: صفات فعلية: وهذه باعتبار الجنس - أي جنس الفعل - صفة ذاتية؛ لأن الله لم يزل ولا يزال فعالاً سبحانه وتعالى، أفعاله لا تنقضي، وكذلك أقواله، قال تعالى: (قُلْ لَوْ كَانَ الْبَحْرُ مِدَاداً لِكَلِمَاتِ رَبِّي لَنَفِدَ الْبَحْرُ قَبْلَ أَنْ تَنْفَدَ كَلِمَاتُ رَبِّي وَلَوْ جِئْنَا بِمِثْلِهِ مَدَداً) (الكهف: 109) ، لكن آحاد الفعل أو نوع الفعل؛ ينفك الله عنه؛ يعني: ليس لازماً لذاته.
مثال ذلك: النزول إلى السماء الدنيا، فهذا نوع وآحاد، نوع: لأنه لم يثبت له نظير قبل خلق السماء، وآحاد: لأنه يتجدد كل ليلة، فالأفعال نوعها قد يكون حادثاًً، وآحادها قد تكون حادثة، لكن جنسها أزلي أبدي،