المبحث السادس: هل الله عز وجل باستوائه على العرش يكون العرش مُقِلاً له حاملاً له، كما يستوي الإنسان منا على السرير؟
الجواب: لا، ليس كذلك، لأننا لو قلنا إنه حامل له كحمل السرير لأحدنا، لزم من هذا أن يكون محتاجا إلى العرش، والله عز وجل مستغن عن كل شيء، وكل شيء محتاج إليه، فلا يمكن أن نقول إن العرش يقل الله أبداً.
فالله أعظم من أن يقله شيء من مخلوقاته، لكن هو الذي اختصه الله لنفسه بالاستواء فقط، وأما أن يقله، فلا لأننا لو قلنا بذلك لزم منه معنى فاسد لا يدل عليه القرآن، وهو احتياجه إليه كاحتياج الإنسان منا إلى السرير، ولهذا قال العلماء رحمهم الله: إن العرش لا يقل الله، بمعنى أنه ليس محتاجاً إليه كما يحتاج الإنسان منا إلى السرير، فالإنسان منا يحتاج إلى السرر ليجلس عليه، ولو أزيل من تحتنا لسقطنا.
ثم قال المؤلف رحمه الله: (قد تعالى أن يحد) تعالى: يعني ترفع وتباعد عن الحد، (أن يحد) : يعني عن أن يحد، فإن وما دخلت عليه في تأويل مصدر منصوبة بنزع الخافض؛ لأن نزع الخافض مع أن وإن مطرد، كما قال ابن مالك رحمه الله:
نَقلاً وَفي أَنَّ وَأَنْ يَطَّردُ مع أمْنِ لَبْسٍ كَعَجِبْتُ أنْ يَدُواْ
وعلى كل حال فترتيب العبارة: تعالى عن أن يحد، أي تعالى عن الحد، ومعنى ذلك أن الله لا يحد.
وكلمة (الحد) من الألفاظ التي لم ترد في الكتاب ولا في السنة، فليس في الكتاب أن الله يحد، ولا أنه