محدود على محدود! ولا شك أن القول بذلك كفر، يعني: إذا استوى على العرش لزم أن يكون محدوداً، ولزم أن يكون جسماً، والحد ممتنع، والجسمية - على زعمهم - ممتنعة، فلهذا نقول استوى يتعين أن تكون بمعنى استولى.

ورداً عليهم نقول: إن هذا التأويل، بل هذا التحريف، خطأ من عدة وجوه:

الوجه الأول: إنه مخالف لظاهر اللفظ وإجماع السلف؛ فظاهر اللفظ (اسْتَوَى عَلَى الْعَرْش) ليس فيه استولى، والسلف أيضا مجمعون على أن استوى بمعنى علا، فإن قال قائل: وما الدليل على إجماعهم؟ فإننا نقول: لأن هذا هو معنى استوى على الشيء في اللغة العربية، والسلف لغتهم عربية، ولو كان المراد بالآية سوى ما تقتضيه اللغة العربية لتكلموا به وبينوه، فلما لم يأت عنهم ما يخالف مقتضى اللغة العربية في هذه الكلمة، علم بأنهم يقولون فيها بمقتضى اللغة العربية، فهم مجمعون على أن استوى بمعنى علا على العرش واستقر.

وقد ذكر ابن القيم رحمه الله في النونية أنه ورد عن السلف في ذلك أربعة معان: علا واستقر وارتفع وصعد (?) .

الوجه الثاني: إننا إذا قلنا استوى بمعنى استولى؛ لزم أن يكون العرش قبل استواء الله عليه ملكاً لغيره، والله تعالى يقول: (إِنَّ رَبَّكُمُ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ) (الأعراف: الآية 54) ، فهل يكون قبل ذلك لغير الله؟! هذا لا شك أنه معنى باطل، لا يمكن أن يقول به قائل.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015