ويجاب عليهم بثلاثة أجوبة وهي:
أولا: أن الرجوع إلى العقل في هذه الأمور باطل شرعا وعقلا.
أما شرعا فقال الله تعالى: (وَلا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ) (الإسراء: الآية 36) ، وقال: (قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ والإثم وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَاناً وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لا تَعْلَمُونَ) (الأعراف: 33) .
وأما بطلانه عقلا فلأن هذه الأمور من الأشياء التي تتلقى بالخبر؛ لأن الخالق عز وجل ليس كمثل الخلق، فلا يجوز عليه ما يجوز عليهم، ولا يمتنع عليه ما يمتنع عليهم، ولا يجب له ما يجب لهم، فهو مخالف للخلق، وإذا كان مخالفا للخلق فلا يحكم الخلق عليه بعقولهم، وكيف يحكم الخلق عليه وهم لم يشاهدوا الله، ولا نظيرا لله؛ فكان في الشرع والعقل ما يبطل الاعتماد على العقل في هذه الأمور.
ثانياً: هب أن العقل لا يدل على سوى هذه الصفات السبع، فقد دل عليها الشرع، وتعدد الدليل جائز عقلا وواقعا، فإذا انتفى أحد الدليلين ثبت المدلول بالدليل الآخر؛ لان انتفاء الدليل المعين لا يستلزم انتفاء المدلول، فقد يكون للمدلول دليل آخر غير الدليل الذي انتفى. فإذا فرضنا جدلا أن العقل لا يدل على هذه الصفات فإن الشرع دل عليها وإذا دل عليها وجب إثباتها.
ثالثاً: أننا يمكننا أن نثبت بالعقل ما نفيتم أن العقل دال عليه، يعني إننا نستدل بالعقل كما استدللتم بالعقل، فنقول: ما نفيتموه قد دل عليه العقل.
مثال ذلك: هذه النعم التي نشاهدها، وهذه النقم التي تندفع عنا مع