ثم أليس الناس إذا دفنوا في القبور فإن الأرض تأكل أجسامهم كلها إلا عجب الذنب ومع ذلك يتكون من هذا التراب البشر مرة أخرى، وآدم عليه الصلاة والسلام كان خلقه من الطين، وهذا مستحيل لغيره حسب العادة ولكن الله قادر عليه.

قوه: (كذا إرادة) ، يعني كذلك الإرادة تتعلق بالممكن أما المستحيل فلا يمكن. فالمستحيل لذاته لا يمكن أن يريده الله؛ لأن هذه الإرادة عبث والله منزه عن العبث، فلو قال قائل مثلا: إن الله يريد هذا الشيء أن يكون متحركا ساكنا، لأجيب بأن الله لا يريد هذا؛ لأنه متى كان الشيء متحركا لم يكن ساكنا، ومتى كان ساكنا لم يكن متحركا، وليس المراد أنه يكون متحركا ثم يسكن أو ساكناً ثم يتحرك فهذا ممكن.

فالإرادة إذاً تتعلق بالممكن، ولهذا نقول: إن الله إذا أراد أمراً فإنما يقول له: كن فيكون، وهذا يدل على أن الإرادة تكون في الأشياء الممكنة، التي يمكن أن يفعلها الله عز وجل.

قال: (والعلم والكلام قد تعلقا بكل شيء) ، يعني: أن الله يمكن أن يتكلم بالشيء المستحيل، ويعلم بالشيء المستحيل، فالله سبحانه وتعالى يقول: (لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إِلَّا اللَّهُ لَفَسَدَتَا) (الأنبياء: الآية 22) فقال بالمستحيل يعني تكلم عن شيء مستحيل، وكذلك قال تعالى: (لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إِلَّا اللَّهُ لَفَسَدَتَا) (الأنبياء: 22) (مَا اتَّخَذَ اللَّهُ مِنْ وَلَدٍ وَمَا كَانَ مَعَهُ مِنْ إِلَهٍ) (المؤمنون: الآية 91) فتكلم بشيء مستحيل.

والعلم أيضاً يتعلق بالمستحيل والدليل قوله تعالى: (لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إِلَّا اللَّهُ لَفَسَدَتَا) (الأنبياء: الآية 22) فهذا خبر يخبر الله فيه أنه لو كان في السماء

طور بواسطة نورين ميديا © 2015