شيء يضير الإنسان إذا قال: أنا أؤمن بان لله يدين؛ لأن الله أثبتهما لنفسه، ولكني أؤمن بأنه لا مثيل لهاتين اليدين، هل عليه ضير؟ أبداً، بل ينشرح صدره، ويستريح من التقديرات التي لا أساس لها، ولذلك تجد أهل السنة والجماعة في هذا الباب هم أريح الناس بالا، وأشرحهم صدرا، وأكثرهم اطمئنانا وأبعدهم إشكالا. أما أن نذهب نقدر ونقول: اليد جارحة، والجارحة ممتنعة، والجارحة بعض من كل، وما أشبه ذلك. وهذا جسم وهذا عرض، فإننا سوف نتعب في هذا.
والأولى لنا أن نؤمن بأن لله يدا ونقول: سبحان الله العظيم، وبأن له وجها وبأن له عينا، وبأنه مستو على العرش، وبأنه يجيء يوم القيامة، وبأنه ينزل إلى السماء الدنيا، إلى غير ذلك بدون أن نقدر تقديرات، فلسنا نحن الذين نحكم على الله، بل الله هو الذي يحكم علينا ولنفسه بما شاء، أما نحن فليس لنا إلا التسليم في هذه الأمور، ولهذا قال: (حسن ما نحاه ذو الأثر) .
وأنا أجزم جزما أنك لو تلوت على أحد من العامة حديثا في صفات الله عز وجل، تجده يسبح بلسانه، ويعظم الله بقلبه، ويقشعر من ذلك جلده، لكن لو تلوته على واحد من أهل الكلام ما أحس بهذا أبداً، بل ذهب يتصور أن الله مناف للمخلوق، ثم يحاول أن يصرف هذا النص إلى معنى يدعي أنه معقول، وتجده يتعب نفسه، وذاك العامي يسبح ويهلل ويمجد الله، ولا يتعب نفسه. وذاك يذهب يبحث عن القرائن، ولا يكون في قلبه من تعظيم الله مثل ما يكون في قلب العامي، وهذا أمر محسوس، ولهذا ما أوتي قوم الجدل إلا ضلوا.