أولى، وطائفة قالت: لا نسلم أنه إذا افتقر المخلوق المنفصل إلى خلق أن يفتقر ما يقوم به من الخلق إلى خلق آخر بل يكتفي فيه القدرة والمشيئة فإنكم إذا جوزتم وجود الحادث الذي يباينه بمجرد القدرة والمشيئة فوجود ما لا يباينه أولى بالجواز وهؤلاء وغيرهم يمانعونهم في قيام الحوادث به، وطائفة منعت امتناع التسلسل في الآثار والأفعال وقالت: إنما يمتنع في الفاعلين لا في الفعل كما قد بسط في موضع آخر.
وأما الأحاديث الدالة على هذا الأصل التي في الصحاح والسنن والمسانيد وغيرها عن النبيّ صلى الله عليه وسلم فأكثر من أن يحصيها واحد، كقوله في الحديث المتفق على صحته عن زيد بن خالد قال: صلى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة بالحديبية على أثر سماء كانت من الليل فقال: «أتدرون ماذا قال ربكم الليلة؟ قال: أصبح من عبادي مؤمن بي وكافر بي؛ فمن قال: مطرنا بفضل الله ورحمته فهو مؤمن بي كافر بالكوكب، ومن قال: مطرنا بنوء كذا وكذا فهو كافر بي مؤمن بالكوكب» (?).
وفي الصحيحين في حديث الشفاعة يقول كل من أولي العزم من الرسل مع آدم:
«إن ربي قد غضب اليوم غضبا شديدا لم يغضب قبله مثله ولن يغضب بعده مثله» (?).
وقوله في الحديث الصحيح: «إذا تكلم الله بالوحي سمع أهل السماء كجرّ السلسلة على الصفوان» (?).
وقوله في الحديث الصحيح: «إن الله يحدث من أمره ما يشاء وممّا أحدث أن لا يتكلموا في الصلاة» (?).