والبصر قولين في مثل قوله تعالى: لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرامَ إِنْ شاءَ اللَّهُ «1» وقوله تعالى: وَإِذا أَرَدْنا أَنْ نُهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنا مُتْرَفِيها «2» وقوله تعالى: إِنَّما أَمْرُهُ إِذا أَرادَ شَيْئاً أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ (82) «3» وكذلك قوله: إِنَّا مَعَكُمْ مُسْتَمِعُونَ «4» وقوله تعالى:
وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ «5» ونحو ذلك فقال: ذهب قوم من أهل السنة إلى أن لله استماعا حادثا في ذاته، وذكر أن هؤلاء وبعض أهل البدع تأولوا ذلك في الإرادة على الحوادث قال: فأما من أدى السنة فأراد إثبات القدر فقال:
إرادة الله تحدث من تقدير سابق للإرادة.
أما بعض أهل البدع فزعموا أن الإرادة هي خلق حادث وليست مخلوقة ولكن بها كون الله المخلوقين قال: وزعموا أن الخلق غير المخلوق وأن الخلق هو الإرادة، وإنها ليست بصفة لله من نفسه قال: وكذلك قال بعضهم أن رؤيته تحدث.
قال محمد بن الهيصم في كتاب «حمل الكلام» لما ذكر الكلام وأنه مبني على خمسة فصول:
أحدها: أن القرآن كلام الله، وقد حكي عن جهم بن صفوان أن القرآن ليس كلام الله على الحقيقة وإنما هو كلام خلقه الله فنسب إليه كما قيل: سماء الله وأرض الله، وكما قيل: بيت الله وشهر الله.
وأما المعتزلة فإنهم أطلقوا القول بأنه كلام الله على الحقيقة ثم وافقوا جهما في المعنى حيث قالوا كلام خلقه بائنا عنه.
وقال عامة المسلمين: إن القرآن كلام الله على الحقيقة وأنه تكلم به.
والفصل الثاني: أن القرآن غير قديم فإن الكلابية وأصحاب الأشعري زعموا أن الله لم يزل متكلما بالقرآن، وقال أهل الجماعة إنما تكلم بالقرآن حيث خاطب به جبريل، وكذلك سائر الكتب.
والفصل الثالث: أن القرآن غير مخلوق فإن الجهمية والنجارية والمعتزلة زعموا إنه مخلوق، وقال أهل الجماعة: إنه ليس بمخلوق.