المفعولات المباينة له ويشتق له منها اسم فقوله متناقض، ولهذا نقضت المعتزلة قول هؤلاء بما سلموه لهم وبسط هذا له موضع آخر.

والمقصود هنا التنبيه على الفرق بين المتكلم والمريد وغيرهما حيث جاءت النصوص باسم العليم والقدير والسميع والبصير، ولم تأت باسم المريد والمتكلم بما يدل على مطلق الإرادة والكلام وإنما جاءت بما يدل على الكلام المحمود والإرادة المحمودة لا باسم يشترك فيه المحمود والمذموم وأن الكلام والإرادة مما يقوم بالرب تعالى ويوصف به ليس ذلك أمرا منفصلا عنه كما تزعم الجهمية، والتنبيه على أنه لو كان كلام الله مخلوقا في محل لكان ذلك المحل هو المتكلم به، وكانت الشجرة مثلا هي القائلة لموسى:

إِنَّنِي أَنَا اللَّهُ لا إِلهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدْنِي (?) ولوجب أن يكون ما أنطق الله به بعض مخلوقاته كلاما له وقد قال تعالى: وَقالُوا لِجُلُودِهِمْ لِمَ شَهِدْتُمْ عَلَيْنا قالُوا أَنْطَقَنَا اللَّهُ الَّذِي أَنْطَقَ كُلَّ شَيْءٍ (?).

وقد كان النبيّ صلى الله عليه وسلم يسلم عليه الحجر، وقال: «إني لأعرف حجرا بمكة كان يسلم عليّ قبل أن أبعث إني لأعرفه الآن» (?). وقد سبح الحصى بيديه حتى سمع تسبيحه (?)، وأمثال ذلك كثير، والله هو الذي أنطق هذه الأجسام فلو كان ما يخلقه من النطق والكلام كلاما له لكان ذلك كلام الله كما أن القرآن كلام، وكان لا فرق بين أن ينطق هو وبين أن ينطق غيره من المخلوقات، وهذا ظاهر الفساد.

وكان قدماء الجهمية تنكر أن يكون الله يتكلم، فإن حقيقة مذهبهم أن الله لا يتكلم، ولهذا قتل المسلمون أول من أظهر هذه البدعة في الإسلام: الجعد بن

طور بواسطة نورين ميديا © 2015