يقول أخوه أبو عبد الله: «وقد منّ الله عليه بسرعة الكتابة، ويكتب من حفظه من غير نقل» اه (?).
وقد ذكر ابن عبد الهادي أنه يكتب مجلدا لطيفا في يوم، بل إنه كتب «الحموية» في جلسة بين الظهر والعصر (?). وكتب «الواسطية» في قعدة بعد العصر (?).
وغالب ما كتب في «باب العقائد» إما ردّ على مبتدع، أو جواب لسؤال ورد عليه، كما ذكر ذلك هو عن نفسه، في مناظرة الواسطية قال:
«وأما الكتب، فما كتبت إلى أحد كتابا ابتداء أدعوه به إلى شيء من ذلك.
ولكنني كتبت أجوبة أجبت بها من يسألني من أهل الديار المصرية وغيرهم» اه (?).
وقد كان للفتن والمحن التي مرّ بها الشيخ أثر في ضياع بعض مصنفاته وكتبه فكثيرا ما يقول: «قد كتبت في كذا وكذا ويسأل عن الشيء، فيقول: كتبت في هذا، فلا يدري أين هو؟ فيلتفت إلى أصحابه، ويقول: ردّوا خطي وأظهروه لينقل. فمن حرصهم عليه لا يردونه، ومن عجزهم لا ينقلونه فيذهب ولا يعرف اسمه» (?).
وأيضا من أسباب ضياع بعض كتبه: أنه يكتب في بعض الأحيان الجواب لمن سأله، فإن وجد من ينقل الجواب ويبيضه، وإلا أخذ السائل الجواب وذهب (?).
وذكر ابن عبد الهادي أن الشيخ لما حبس تفرّق أتباعه، وتفرقت كتبه، وخوّفوا أصحابه من أن يظهروا كتبه، وذهب كل أحد بما عنده وأخفاه، ولم يظهروا كتبه. فبقي هذا يهرب بما عنده، وهذا يبيعه، أو يهبه، وهذا يخفيه ويودعه، حتى إن منهم من تسرق كتبه أو تجحد، فلا يستطيع أن يطلبها، ولا يقدر على تحصيلها فبدون هذا تتمزق الكتب والتصانيف (?).