البدعية، غير عارفين بالحقائق الدينية الشرعية ولا سالكين مسلك أولياء الله الذين هم بعد الأنبياء خير البرية فهم في نهاية تحقيقهم يسقطون الأمر والنهي والطاعة والعبادة مشاقّين للرسول، متبعين غير سبيل المؤمنين، ويفارقون سبيل أولياء الله المتقين إلى سبيل أولياء الشياطين، ثم يقولون بالحلول والاتحاد، وهو غاية الكفر ونهاية الإلحاد، ولهذا في كلام العارفين كأبي القاسم الجنيد وأمثاله من بيان أن التوحيد هو إفراد الحدوث عن القدم ونحو ذلك.
ومن بيان وجوب اتباع الأمر والنهي ولزوم العبادة إلى الموت ما يبين به أن أولئك السادة المهتدين حذروا من طريق هؤلاء الملحدين، ولهذا نجد هؤلاء كابن عربي وابن سبعين وأمثالهما يردون على مثل الجنيد وأمثاله من أئمة المشايخ ويدعون أنهم ظفروا في التحقيق بنهاية الرسوخ وإنما ظفروا بتحقيق الإلحاد، والدخول في الحلول والاتحاد، وما زال شيوخ الصوفية المؤمنون يحذرون من مثل هؤلاء الملبسين كما حذر أئمة الفقهاء من سبيل أهل البدعة والنفاق من أهل الفلسفة والكلام ونحوهم، حتى ذكر ذلك أبو نعيم (?) الحافظ في أول حلية الأولياء، وأبو القاسم القشيري في رسالته، دع من هو أجل منهما وأعلم منهما بطريق الصوفية وأقل غلطا وأبعد عن الاعتماد على المنقولات الضعيفة والمنقولات المبتدعة، قال أبو نعيم في أول الحلية:
أما بعد أحسن الله تعالى توفيقك فقد استعنت بالله عز وجل وأجبتك إلى ما أبغيت من جمع كتاب يتضمن أسامي جماعة وبعض أحاديثهم وكلامهم من أعلام المحققين من المتصوفة وأئمتهم وترتيب طبقاتهم من النساك ومحجتهم، من قرن الصحابة والتابعين وتابعيهم ومن بعدهم ممن عرف الأدلة والحقائق وباشر الأحوال والطرائق وساكن الرياض والحدائق، وفارق العوارض والعلائق، وتبرأ من المنقطعين والمتعمقين، ومن أهل الدعاوى المسوفين، ومن الكسالى والمثبطين، المتشبهين بهم في اللباس والمقال، والمخالفين لهم في العقيدة والفعال، وذلك لما بلغك من بسط ألسنتنا وألسنة أهل الفقه والأثر في كل الأقطار والأمصار، في المنتسبين إليهم من الفسقة الفجار، والمباحية والحلولية الكفار، وليس ما حل