قرأ: وَأَنَّ هذا صِراطِي مُسْتَقِيماً فَاتَّبِعُوهُ وَلا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ (?)» (?).
وقال الزهري: كان من مضى من علمائنا يقولون: الاعتصام بالسنة نجاة، ولهذا قيل: «مثل السنة مثل سفينة نوح من ركبها نجا ومن تخلف عنها غرق» وهو يروى عن مالك.
ومن سلك الطرق الشرعية النبوية لم يحتج في إثباتها إلى أن يشك في إيمانه الذي كان عليه قبل البلوغ ثم يحدث نظرا يعلم به وجود الصانع، ولم يحتج إلى أن يبقى شاكّا مرتابا في كل شيء وإنما كان مثل هذا يعرض للجهم بن صفوان وأمثاله فإنهم ذكروا أنه بقي أربعين يوما لا يصلي حتى يثبت أن له ربّا يعبده، فهذه الحالة كثيرا ما تعرض للجهمية وأهل الكلام الذين ذمهم السلف والأئمة، وأما المؤمن المحض فيعرض له الوسواس فتعرض له الشكوك والشبهات وهو يدفعها عن قلبه، فإن هذا لا بد منه كما ثبت في الصحيح أن الصحابة قالوا: يا رسول الله إن أحدنا ليجد في نفسه ما لأن يحترق حتى يصير حممة أو يخر من السماء إلى الأرض أحب إليه من أن يتكلم به، فقال: «أفقد وجدتموه؟» قالوا: نعم، قال: «ذلك صريح الإيمان» (?).
وفي السنن من وجه آخر أنهم قالوا: إن أحدنا ليجد في نفسه ما يتعاظم أن يتكلم به، فقال: «الحمد لله الذي رد كيده إلى الوسوسة» (?).
قال غير واحد من العلماء: معناه أن ما تجدونه في قلوبكم من كراهة الوساوس والنفرة عنه وبغضه ودفعه هو صريح الإيمان.