من أنفسهم ومن غيرهم وهو من المعارف الضرورية الحاصلة بالتجربة لمن جربها، والأخبار المتواترة لمن سمعها، ثم ذكر حكمة أخرى فقال تعالى: وَيَمْحَقَ الْكافِرِينَ «1» ذلك أن الله سبحانه إنما يعاقب الناس بأعمالهم، والكافر إذا كانت له حسنات أطعمه الله بحسناته في الدنيا فإذا لم تبقى له حسنة عاقبه بكفره، والكفار إذا أديلوا يحصل لهم من الطغيان والعدوان وشدة الكفر والتكذيب ما يستحقون به المحق ففي إدالتهم ما يمحقهم الله به.

وأما الغدر فإن الرسل لا تغدر أصلا إذ الغدر قرين الكذب كما في الصحيحين عن النبيّ صلى الله عليه وسلم أنه قال: «آية المنافق ثلاث: إذا حدّث كذب، وإذا وعد أخلف، وإذا اؤتمن خان» «2».

وفي الصحيحين أيضا عن النبيّ صلى الله عليه وسلم: «أربع من كن فيه كان منافقا خالصا ومن كانت فيه خصلة منهن كانت فيه خصلة من النفاق حتى يدعها: إذا حدّث كذب، وإذا اؤتمن خان، وإذا عاهد غدر، وإذا خاصم فجر» «3».

قلت: الغدر ونحوه داخل في الكذب كما قال تعالى:* وَمِنْهُمْ مَنْ عاهَدَ اللَّهَ لَئِنْ آتانا مِنْ فَضْلِهِ لَنَصَّدَّقَنَّ وَلَنَكُونَنَّ مِنَ الصَّالِحِينَ (75) فَلَمَّا آتاهُمْ مِنْ فَضْلِهِ بَخِلُوا بِهِ وَتَوَلَّوْا وَهُمْ مُعْرِضُونَ (76) فَأَعْقَبَهُمْ نِفاقاً فِي قُلُوبِهِمْ إِلى يَوْمِ يَلْقَوْنَهُ بِما أَخْلَفُوا اللَّهَ ما وَعَدُوهُ وَبِما كانُوا يَكْذِبُونَ (77) «4».

وقال تعالى:* أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ نافَقُوا يَقُولُونَ لِإِخْوانِهِمُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ لَئِنْ أُخْرِجْتُمْ لَنَخْرُجَنَّ مَعَكُمْ وَلا نُطِيعُ فِيكُمْ أَحَداً أَبَداً وَإِنْ قُوتِلْتُمْ لَنَنْصُرَنَّكُمْ وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّهُمْ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015