الأصل الرابع: الإيمان بعموم مشيئته سبحانه وتعالى، فإن كل ما شاء كان وما لم يشأ لم يكن، ولا ينازع أحد من المسلمين بل ولا من جماهير الكفار في كون الباري متصفاً بالمشيئة؛ على معنى أن ما شاء كان وما لم يشأ لم يكن، وأما معنى الاتصاف بالصفة التي هي قيام الصفة بموصفوها، فهذا باب آخر، ينازع فيه المعتزلة وطوائف.
ولهذا نجد أن طرفة بن العبد -وهو جاهلي- يذكر هذا المعنى في شعره، فيقول:
فلو شاء ربي كنت قيس بن خالد ... ولو شاء ربي كنت عمرو بن مرثد
وأصبحت ذا مال كثيرٍ وزارني ... بنون كرام سادة لمسود
بل إن الله ذكر هذا في كتابه عن المشركين في قوله سبحانه: {سَيَقُولُ الَّذِينَ أَشْرَكُوا لَوْ شَاءَ الله مَا أَشْرَكْنَا} [الأنعام:148]، وإنما عاب الله عليهم ذلك، لأنهم احتجوا بالقدر على إسقاط الشرع الذي هو التوحيد، وإلا فإن شركهم بمشيئة الله.
وإنما قيل: الإيمان بعموم مشيئته، ليدخل في ذلك أفعال العباد، فإن سائر أفعال العباد سواء كانت أفعالاً عادية أو من الطاعة، أو من المعاصي والفسوق والكفر، فهي بمشيئة الله سبحانه وتعالى، وإن كان سبحانه وتعالى قد يكره المعاصي والكفر ولا يرتضيه لعباده.