جاء محمد بن كرام السجستاني فأظهر مقالة التجسيم، وقال: إن الله جسم -تعالى الله عن ذلك- وهو لفظ لم يطلقه السلف لا إثباتاً ولا نفياً، وصار له أتباع من الحنفية خاصة ومن غيرهم، ولكن بقي مذهب التجسيم الذي انتحله ابن كرام ضعيفاً ليس له رواج، بل حتى مذهب المعتزلة الأوائل ضعف وتأخر؛ لأنه استقر فيما بعد أن مذهب المعتزلة مباين لمذهب الأئمة، إنما الذي ظل ملتبساً ويسمى مذهب أهل السنة عند كثيرين هو مذهب الأشاعرة، خاصةً أن الأشاعرة صاروا يطلقون على المذهب المأثور عن الأئمة: (مذهب الحنابلة)، ولهذا فإن الرازي حين ذكر مسألة العلو قال: (ولم يقل بهذا إلا الحنبلية والكرامية)، مع أن هذا القول هو القول المجمع عليه بين السلف وإن كان الرازي يغلط في سياقه وتقريره.
وقوله: (ما زال بصفاته قديماً قبل خلقه).
أي أن الله سبحانه وتعالى موصوف بصفات الكمال ولم يزل سبحانه وتعالى متصفاً بها، وهذا مفارقة لمذهب المعتزلة، من جهة أن المصنف أثبت الصفات، والمعتزلة لا يثبتون الصفات.