ويمكن أن نلخص المسألة بطريقة أخرى فنقول: إن الفلاسفة قبل الإسلام كانوا على قسمين: الفلسفة النظرية، والفلسفة العرفانية، بمعنى أن الفلاسفة كانوا يتعاملون مع جهتين، إما جهة العقل، وهذه هي التي تمثلها الفلسفة النظرية العقلية، وإما جهة النفس، وهذه هي التي تمثلها الفلسفة العرفانية، القائمة على الغنوص والتجريد المقامات.
فبعض الفلاسفة كـ أفلاطون، حاول أن يركب، بل بدأ هذا التركيب من زمن سقراط، ولهذا إذا قسموا الفلسفة قالوا: الفلسفة قبل السقراطية، والفلسفة بعد السقراطية، وكانت هناك محاولة للجمع أو التركيب بين العقل والنفس، والمقصود أن الفلسفة ليست مقصورة على النظريات العقلية، بل حتى كثير من النظريات العرفانية المقولة في الأحوال والتعبدات، وكيفية سلوك السالك ونحو ذلك، كثير منها إما أن يكون منقولاً وإما أن يكون متأثراً، وليس معنى هذا أن سائر الصوفية كذلك، بل يعلم أن جماهير الصوفية مع ما عندهم من البدع ليسوا على هذا الوجه الفلسفي، وإن كان يقع عندهم بدع وانحراف وغلط؛ لكن الذين يضافون إلى هذه المقامات هم فلاسفة الصوفية كمن ذكرت أسمائهم.
فالمقصود أن المصنف قال: (ولا نفضل أحداً من الأولياء) لهذا الموجب.