قال: [ومن أحسن القول في أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأزواجه الطاهرات من كل دنس، وذرياته المقدسين من كل رجس؛ فقد برئ من النفاق].
أي: لأن النبي صلى الله عليه وسلم ذكر ذلك، ومنه قوله صلى الله عليه وسلم في حديث البراء: (لا يحبهم إلا مؤمن، ولا يبغضهم إلا منافق)، فحب الصحابة رضي الله عنهم أنصاراً كانوا أو مهاجرين إيمان، وبغضهم نفاق، والمهاجرون كما هو معلوم جنسهم أعظم وأفضل من جنس الأنصار؛ لأن الله قدمهم لما معهم من الهجرة والنصرة، وإن كان الأعيان لا يلزم أن يطرد فيهم هذا.
أحياناًَ يستدل بعض الشيعة على نفاق بعض الصحابة بأنهم قاتلوا علياً، ويذكرون في هذا قول النبي صلى الله عليه وسلم لـ علي -وهو حديث صحيح مخرج في صحيح مسلم وغيره- عن علي رضي الله عنه: (إنه لعهد النبي الأمي إلي، أنه لا يحبني إلا مؤمن ولا يبغضني إلا منافق)، قالوا: ومن قاتله فقد أبغضه، وأي بغضٍ أشد من رفع السيف في وجهه .. إلى غير ذلك.
فيقال: لا شك أن هذا ليس طريقاً للتحصيل، وإلا لو كان كذلك للزم أن من قاتل أنصارياً يكون متصفاً بذلك، وقد ذكر كثير من أهل الأخبار والسير أنه كان في جيش معاوية بعض الأنصار، فيلزم أن الحكم ينطبق على علي ومن معه، ولا شك أن هذه طريقة ليست من طرق الفقه المأثورة عن سلف الأمة، وكان الصحابة رضي الله تعالى عنهم مع اقتتالهم متوالين في قلوبهم، أي: بينهم قدرٌ من الموالاة والمحبة في قلوبهم، وإن اجتهدوا فيما اجتهدوا فيه فأخطئوا، وهذا بين في كلام علي رضي الله تعالى عنه.