وعمر بن عبد العزيز ليس له سنة متبعة، بل إن معاوية بإجماع أهل العلم أفضل منه، وعمر بن عبد العزيز حقيقته أنه ملك، قال شيخ الإسلام رحمه الله: (وكان الخلفاء الراشدون، خلفاء الرسول صلى الله عليه وسلم في الأمة، هم أبو بكر وعمر وعثمان وعلي رضي الله عنهم، وما بقي من إمارة الحسن بن علي رضي الله تعالى عنه، ثم جاء معاوية، فـ معاوية هو أول ملوك المسلمين وهو بإجماع أهل السنة والجماعة أفضل ملوكهم).
أي: فهو أول ملوك المسلمين، وسائر من بعده يسمون ملوكاً، وإذا سموا خلفاء فعلى المعنى العام، الذي هو إمارة المسلمين والقيام على شئونهم، أما الخلفاء الراشدون، فإن المقصود بكونهم خلفاء ليس هو خلافة المسلمين والقيام على شئونهم فحسب، بل هذا المعنى حاصل لهم مع كونهم خلفاء رسول الله صلى الله عليه وسلم في الأمة، وهذه المنزلة خاصةٌ بـ أبي بكر وعمر وعثمان وعلي رضي الله عنهم، ولا تكون لـ معاوية فضلاً عن كونها لـ عمر بن عبد العزيز، قال شيخ الإسلام: (وإن كان حصل في زمن عمر بن عبد العزيز من مقامات العدل ما لم يتحقق في زمن معاوية، ومع هذا فإن معاوية أفضل منه بالإجماع).
وتفضيل عمر بن عبد العزيز على معاوية ليس محكماً من أوجه كثيرة، حتى في مسألة العدل، لأن عمر بن عبد العزيز جاء في زمن فيه قدر من الاستقرار، بخلاف الزمن الذي جاء فيه معاوية رضي الله تعالى عنه، فإنه ما كان زمناً مستقراً، بل كان فيه منازعة بعض آل البيت، وكان معاوية يقابله مجتهدون أكابر كـ عبد الله بن الزبير والحسين بن علي، بخلاف عمر بن عبد العزيز فلم يكن يعارضه إلا معارض لا قيمة له، ولهذا لا ينبغي الطعن على معاوية بأي مسألة من المسائل أبداً.
وأما قتاله لـ علي فقد خالف فيه، والحق مع علي رضي الله تعالى عنه، وقد جاءت الدلائل من السنة على أن علياً أولى بالحق، وأن عماراً تقتله الفئة الباغية، كما في حديث أم سلمة رضي الله عنها، فدل هذا على أن اجتهاد معاوية رضي الله عنه كان خطأً، ولكنه خطأٌ مغفور من إمامٍ هو صاحب مقام في الاجتهاد.