قال المصنف رحمه الله: [ونحب أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم].
هذا من أصول أهل السنة، ولهذا قال شيخ الإسلام في الواسطية: (ومن أصول أهل السنة والجماعة، سلامة قلوبهم وألسنتهم من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم)، وهذه جملة جامعة، لأن الإيمان يتحقق بسلامة القلوب وسلامة الألسنة، وأما من أظهر سلامة اللسان مع ما في قلبه من الطعن والبغي أو الانتقاص، فإن هذا من النفاق الباطن، ومن مرض القلب، وهذا لا يختص بالشيعة، بل يقع فيه كثير من المنتسبين إلى التسنن العام في مقابل الشيعة، كما يقع في ذلك بعض الكتاب، أو بعض المفكرين أو نحوهم، ممن يتكلمون في بعض مقامات الصحابة وأحوالهم، ولاسيما موقف الصحابة من مسألة الخلافة كموقف أبي بكر وموقف عمر مع الأنصار، أو الخلاف الذي حصل بين علي ومعاوية، فترى أنهم يعرضون ويطعنون في بعض الصحابة الأكابر، مع أنهم ليسوا على مذهب من التشيع معروف، بل هم مباعدون لهذه المذاهب، فهؤلاء وإن أجملوا أو حسنوا بعض العبارات فإن ما يكون في القلب يعلمه الله سبحانه وتعالى.
فالقصد أن عبارة شيخ الإسلام في الواسطية عبارة محكمة، فإنه قال: (ومن أصول أهل السنة والجماعة سلامة قلوبهم)، فلا بد أن يكون ذلك محققاً في القلب.
والصحابة هم السادة الذين أثنى الله سبحانه وتعالى عليهم في كتابه، ومن الممتنع في العقل والشرع أن يكون هؤلاء السادة الذين رضي الله عنهم ورضوا عنه، قد انحرفوا أو ضلوا أو نافقوا في زمنه صلى الله عليه وسلم، أو ارتدوا من بعده، إلى غير ذلك من الأكاذيب التي يكذبها العقل قبل الشرع، ويقولها أهل البدع والضلال، ومقام الصحابة مقام مجمع عليه بين السلف، وقد رضي الله عنهم، ورضوا عنه، ولهم درجة الصحبة التي لا يبلغها أحد.
قال: [ولا نفرط في حب أحدٍ منهم ولا نتبرأ من أحدٍ منهم، ونبغض من يبغضهم، وبغير الخير يذكرهم، ولا نذكرهم إلا بخير، وحبهم دينٌ وإيمانٌ وإحسان، وبغضهم كفر ونفاق وطغيان].