نسبة القول بفناء النار إلى ابن تيمية

نسب لـ شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله القول بفناء النار.

فنقول:

أولاً: يجب أن يفرق بين هذا القول -على ما فيه من التعقب -من حيث هو ومن حيث كونه قولاً لـ شيخ الإسلام، فيجب أن يفرق بين هذا القول، وبين قول جهم بن صفوان، فإن الجهم بن صفوان يقول بفناء العذاب مع بقاء النار، والذي نسب إلى شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله، هو القول بأن النار تفنى، أي: تنتهي، وأما القول بأن النار تبقى وينقطع عذاب أهلها، فهذا قول لم يؤثر عن أحدٍ البتة.

وهذه المسألة ذكرها ابن القيم في كتابه حادي الأرواح، وذكر أن طائفة من السلف، بل نسب لبعض الصحابة، أنهم كانوا يقولون بفناء النار، وذكر أن في المسألة قولين لأهل السنة، وكأنه يميل إلى القول بالفناء، ولكنه لم يجزم به جزماً صريحاً.

وعلى كل حال فنسبة هذا القول للإمام ابن القيم، فيه نوع من المقاربة، وإن كان كلامه في بعض كتبه يوحي بأنه يخالف هذا القول، ولكن إضافة هذا القول لـ ابن القيم له حظٌ من النظر أو الاعتبار؛ لأن هذا هو ظاهر كلامه.

أما الإمام ابن تيمية رحمه الله، فإن نسبة هذا القول إليه لا تصح، وهناك رسالة صرح فيها بهذا القول، وهي منسوبة لـ شيخ الإسلام وقد حققت، ولكن الظاهر أنها لا تصح عنه رحمه الله، بل ظاهر كلامه في أكثر من موضع من كتبه، أنه يقرر هذه الحقيقة المجملة التي ذكرها أهل السنة، وهي أن الجنة والنار لا تفنيان، ولا يستثني من ذلك العذاب في النار أو ما إلى ذلك من الاستثناءات التي أضيفت إليها، ولو صحت هذه الرسالة لكان هذا مما يُجزم به قولاً لـ شيخ الإسلام، لكن هذه الرسالة وإن حققت ونسبت إليه إلا أن الأظهر أنها لا تصح عنه.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015