ومما ينبه عليه، أن الإيمان عند التحقيق ليس هو مجرد العلم، بل لا بد أن يصحب الإيمان انقياد، فإنه لا يسمى مؤمناً إلا من عرف وانقاد، أما إذا عرف ولم يكن منقاداً فإنه لا يسمى مؤمناً، وإنما يسمى عالماً أو عارفاً، ولهذا فبعض أجناس الكفار أثبت الله لهم قدراً من العلم والمعرفة في بعض السياقات، كإتيانهم الكتاب، أو إتيانهم العلم، ولكن لم يثبت لهم مقام الإيمان، مما يدل على أن الإيمان ليس هو محض العلم والمعرفة.
وكذلك أركان الإسلام المذكورة في حديث جبريل هي متضمنة أو مستلزمة للأعمال الباطنة، فإن إقام الصلاة مستلزم للإيمان بالله وملائكته .. الخ.
ولهذا أجمع المسلمون على أن من أظهر الصلاة ولم يكن مؤمناً بالله أو ملائكته أو كتبه أو رسله أو اليوم الآخر أن صلاته لا تنفعه.
وعليه فيمكن أن يقال: إن سائر الأعمال الظاهرة المذكورة في تفسير الإسلام هي متضمنة أو مستلزمة لما فسر به الإيمان، وإن سائر الأعمال الباطنة المذكورة في تفسير الإيمان، متضمنة أو مستلزمة للأعمال الظاهرة التي تقع على جهة التعبد والانقياد لله سبحانه وتعالى.
ولهذا إذا تجردت الأعمال الظاهرة عن هذه الأصول الإيمانية الستة المذكورة في تفسير الإيمان، أصبحت الأعمال الظاهرة من النفاق الذي لا يقبله الله سبحانه وتعالى، فليس في هذا المورد شيء من الإشكال لمن تتبعه وعرف فقهه.