قال المصنف رحمه الله: [والمؤمنون كلهم أولياء الرحمن، وأكرمهم عند الله أطوعهم وأتبعهم للقرآن].
بعد ما ذكر المصنف رحمه الله مسألة الإيمان ومسماه، وتبين ما في كلامه في هذا الموضع من الإشكال، ألحق بهذه المسألة بعض المسائل المتعلقة بهذا الباب، فقال: (والمؤمنون كلهم أولياء الرحمن)، أما على إطلاق الإيمان فإن الأمر كذلك، فإنه إذا ذكر المؤمنون وأريد بهم أهل الإيمان المطلق الذين ذكرهم الله سبحانه وتعالى في قوله: {أَلا إِنَّ أَوْلِيَاءَ الله لا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ * الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ} [يونس:62 - 63] فإن الأمر كذلك، سواء كان هذا متعلقاً بجملتهم أو متعلقاً بأعيانهم.
وأما إذا أريد بالإيمان ما ذكره الطحاوي رحمه الله أنه الإقرار والتصديق، أو على قول العامة من السلف بأن أصل الإيمان لا يستلزم البراءة من الكبائر، خلافاً للخوارج، فإن مرتكب الكبيرة على هذا الوجه لا يسمى ولياً بإطلاق، وليس معنى هذا أنه بريء من الولاية، أو لا ولاية له ألبتة، بل محصل درجة الولاية أن يقال: إنها فرع عن إيمان العبد، فبقدر إيمانه تكون ولايته، وإذا صح بإجماع السلف أن مرتكب الكبيرة معه أصل الإيمان، فلا بد أن يكون معه قدر من ولاية الله سبحانه وتعالى، وتكون ولايته بحسب إيمانه، وقد تقرر أن مرتكب الكبيرة لا يسمى مؤمناً على الإطلاق، ولكن يسمى في بعض المقامات مسلماً، ويسمى في بعض المقامات فاسقاً، ويسمى في بعض المقامات مؤمناً، كالفاسق في مقام العتق فإنه يدخل في قوله تعالى: {فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ} [النساء:92].