قال المصنف رحمه الله: [ونؤمن بالملائكة والنبيين والكتب المنزلة على المرسلين، ونشهد أنهم على الحق المبين].
هذه المسائل تسمَّى في كلام كثير من المتأخرين بالسمعيات، أو الأصول السمعية، وهذه التسمية ليست معروفةً في كلام السلف، وإنما أحدثها طائفة من أصحاب الأئمة واستعملها أيضاً طوائف من المتكلمين، وإن كان الجزم بأن أول من استعملها هم علماء الكلام قد لا يكون جزماً بيِّناً، وهذه التسمية ليس فيها إشكال، لكن المتكلمين يذكرونها ويريدون بذلك أنها مسائل مقصورة على النقل، بينما يجعلون مسائل المعرفة الإلهية -كسائر الصفات والأفعال- مسائل معروفة بالعقل، ومن استعمل هذه التسمية من أهل السنة فإنهم يقولون عن غيرها بأنها مسائل سمعية أيضاً أو على أقل تقدير يرون أن غيرها من المسائل تثبت بالسمع وبالعقل، فإن أصولها وبعض أعيانها تثبت بالعقل كالصفات مثلاً.
وعليه: فتخصيص مسائل اليوم الآخر، وأمثالها بأنها هي السمعيات فقط ليس مناسباً، بل سائر أصول الدين مسائل سمعية، وإن كان منها ما يعلم بالعقل إما إجمالاً وإما تفصيلاً، فهذا التخصيص ليس له ذاك المعنى الحسن، وإن كان لا يلزم أنه غلط على كل تقدير، بل قد يفسر بمراد صحيح.
قوله: (ونشهد أنهم كانوا على الحق المبين) أي: الأنبياء والرسل عليهم الصلاة والسلام، ونحن نؤمن بالملائكة والأنبياء إيماناً مجملاً وإيماناً مفصلاً:
أما الإيمان المجمل فهو الإيمان المطلق بسائر أنبياء الله ورسله وملائكته، وأما الإيمان المفصل فبحسب من سمِّي منهم وذكر، فنؤمن بجبريل وميكائيل وإسرافيل، ونؤمن بمحمد وموسى وعيسى ونوح ولوط ..
وغيرهم حسب التفصيل المذكور في كتاب الله وفي سنة نبيه صلى الله عليه وآله وسلم من أحوالهم.