قال المصنف رحمه الله: [وأصل القدر سر الله تعالى في خلقه، لم يطلع على ذلك ملك مقرب، ولا نبي مرسل، والتعمق والنظر في ذلك ذريعة الخذلان، وسلم الحرمان، ودرجة الطغيان، فالحذر كل الحذر من ذلك نظراً وفكراً ووسوسة، فإن الله تعالى طوى علم القدر عن أنامه، ونهاهم عن مرامه، كما قال تعالى: (لا يسأل عما يفعل وهم يسألون) فمن سأل: لم فعل؟ فقد رد حكم الكتاب، ومن رد حكم الكتاب كان من الكافرين].
لفظة: (وأصل القدر سر الله في خلقه)، فيها أثر عن علي، ويؤثر عن علي رضي الله تعالى عنه أحرف كثيرة في القدر، وجمهور هذه الأحرف لا تصح عنه، وقد تنسب إليه المعتزلة والشيعة وحتى كثير من الصوفية أحرفاً في أحوالهم ومسائلهم التي يقررونها.
وهذه الكلمة ليس عليها أثر من أثر الرسل والأنبياء، وعليه: فهذه الجملة إذا أطلقت وفسرت بمراد صحيح كان الأمر فيها واسعاً، وأما أن تعد من عبارات أهل السنة ومقالاتهم أو من آثار الصحابة فلا.
وجمهور من يستعمل هذه الجملة هم الصوفية في كتبهم، والشارح مع جودته وإتقانه إلا أنه غلط فنقل عن بعض الصوفية في ذلك نقولاً ليست حسنة، ومما نقل عن بعضهم: أن من وقف عن الكشف في ذات الله وأسمائه لزم الأدب، وأن الله يقول: من كشفت له عن حقيقة ذاتي ألزمته العطب.
فنقل هذا مستحسناً له قابلاً له، ولا شك أن هذا كله من كلام الصوفية وأغلاطهم؛ بل وترهاتهم.
وقوله: (لم يطلع على ذلك) أي: على تمام هذا الأصل؛ لأنه من علم الله سبحانه وتعالى، وعلمه لا يحاط به.