الأدلة على وجوب طاعة أولي الأمر في غير معصية

قال رحمه الله تعالى: [قال الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنْكُمْ} [النساء:59].

وفي الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (من أطاعني فقد أطاع الله، ومن عصاني فقد عصى الله، ومن يطع الأمير فقد أطاعني، ومن يعص الأمير فقد عصاني).

وعن أبي ذر رضي الله عنه قال: (إن خليلي أوصاني أن أسمع وأطيع وإن كان عبداً حبشياً مجدع الأطراف)، وعند البخاري: (ولو لحبشي كأن رأسه زبيبة)].

الظاهر أن هذا مخصوص، أعني: الأمر بالطاعة حتى ولو لم تتوافر فيه شروط الإمامة؛ لأنه ذكر أنه ولو كان مجدع الأطراف تجب طاعته، وهذا فيما يتعلق بإمام الغلبة، أو الوالي الذي تمكن من غير اختيار المسلمين، فهذا تجب طاعته في هذه الحال؛ لأنه فرق بين الاختيار والغلبة، ومعروف من خلال تاريخ المسلمين ومن استقراء أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم أن أئمة الاختيار في التاريخ قلة، فأغلب الذين حكموا المسلمين قديماً وحديثاً ليسوا أئمة اختيار، ومع ذلك هم ولاة تجب طاعتهم في المعروف، ويجب الدعاء لهم، وتجب الصلاة خلفهم، ويجب الجهاد معهم، والدعاء لهم بالصلاح والمعافاة وغير ذلك، وإن كان عندهم ما عندهم مما لا يعجب بعض الناس أو مما لا تتوفر فيه الشروط المثالية.

ففرق بين الاختيار -كما في عهد الخلفاء الراشدين- وبين الغلبة أو الإمارة أو الوراثة، أو الملك أو السلطة أو غير ذلك مما هو أصل من أصول تولي الولاية الشرعية التي اعتبرها أهل العلم بإجماع ولاية شرعية، فأغلب ولايات المسلمين في تاريخ الإسلام هي من النوع الثاني الذي أمر النبي صلى الله عليه وسلم بالصبر عليه مع وجوب النصح وغير ذلك مما هو معلوم، ولهذا فإن هذه الأحاديث التي أوردها الشارح كلها صحيحة ثابتة، ليس فيها ما يمكن أن يطعن فيه من حيث السند، ولذلك تلقاها السلف بالقبول وجعلوها من مناهج الدين؛ إذ إنها وصية من النبي صلى الله عليه وسلم، ولا شك أن هذه الوصية تعني أن هذه الأمور ستكون، وأنه قد يتولى على المسلمين عبد حبشي.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015