وجه امتناع اشتقاق الصفة من التردد والهرولة

Q من المعلوم أن صفات الله عز وجل وأسماءه وأفعاله تأتي عن طريق الخبر، فلماذا لا يؤخذ من فعل التردد والهرولة صفة؟

صلى الله عليه وسلم التردد والهرولة وردت في مقابل أفعال العباد، ولو لم ترد في مقابل فعل العبد لأطلقناها صفة بجزم، لكن ما دامت قد وردت في سياق فعل العبد فلابد أن يربط المعنى بهذا المفهوم، وهذا أمر لا نستطيع أن نرده عن أذهان السامعين، وهو مقتضى اللغة التي تكلم بها النبي صلى الله عليه وسلم، فالنبي صلى الله عليه وسلم تكلم بلسان عربي مبين، وأعطي جوامع الكلم، ولا يتكلم عن ربه إلا بحق، فألفاظ الحديث التي ورد فيها التردد وورد فيها الهرولة ونحوها من الأفعال الثابتة لله عز وجل لا نستطيع أن نجزم بأنها صفات، لكن نقول: نقرها كما جاءت، وتثبت لله عز وجل حقيقة على ما يليق بجلاله، فهي حق على حقيقتها، ولا نتأول، لكن مع ذلك لا نثبتها صفة مفردة؛ لأن إثباتها صفة مفردة يحتاج إلى دليل، ولا سيما أنها ربطت بأفعال الخلق، فأي فعل لله يربط بأفعال الخلق يفهم من سياقه المعنى المراد، وإذا فهم من سياقه المعنى المراد لم يصر هذا الفهم تأويلاً؛ بل هو تفسير للفظ بظاهره، فإذا فهمنا أن التردد في قبض نفس المؤمن القصد منه إكرام المؤمن والرأفة به لعمله الصالح؛ فهذا يعني أننا ما أولنا؛ لأن هذا هو مفهوم النص وظاهره.

وكذلك الهرولة، وإن كانت الهرولة تختلف عن التردد نوعاً ما، لكن يمكن أن يقاس على التردد الملل: (إن الله لا يمل حتى تملوا)، فربط الفعل بأفعال العباد، فمعنى الملل عند العباد منفي عن الله عز وجل، إذاً: للملل في حق الله معنى آخر بالضرورة مفهوم من السياق نفسه، لا بتأول، ولذلك لا تصلح هذه أمثلة على التأويل كما يزعم كثير من المبطلين، فالسلف حينما أولوا الملل أو فسروه بغير لفظه -وكذلك التردد- لا يعني ذلك أن هذا تأويل؛ لأن هذا مقتضى السياق، فالمعنى موجود في النص نفسه؛ لأنه مقابل أفعال العباد، فهذا خبر، ولا مانع أن نثبت منه صفة بالإجمال، لكن لا يقال: إنها صفة مفردة، فلا يقال: من الصفات التردد ومن الصفات الملل، لكن يقال: هذا الفعل من صفات أفعال الله عز وجل، ونكتفي بذلك ونقف على النص، ونقول: هذا النص يثبت لله على ظاهره على ما يليق بالله عز وجل، ومعناه مفهوم عند المخاطبين، والله أعلم.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015