قال رحمه الله تعالى: [قوله: (والإيمان: هو الإيمان بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر والقدر خيره وشره وحلوه ومره من الله تعالى)].
هنا قرر المؤلف أركان الإيمان وأصول الإيمان، وأحب أن أنبه على أمر مهم في جميع مسائل الإيمان القادمة، وينبني عليه فهم الكثير من القضايا المتعلقة بالإيمان، وهو أن الأمور العلمية المتعلقة بالإيمان على نوعين: النوع الأول: ما يسمى بأصول الإيمان، وهو أركان الإيمان الستة التي عدها المؤلف هنا.
والثاني: ما اصطلح عليه أهل العلم في نهاية القرن الأول وما بعده، وهو ما يسمى بمسائل الإيمان، فمسائل الإيمان هي أيضاً من أصول الدين، وبعض الناس قد يظن أن مسائل الإيمان دون الأركان في الأهمية، لكن الأمر على غير ذلك، فإن أصول الإيمان أو أركان الإيمان لا تختلف عنها مسائل الإيمان في أهميتها في الدين، وإنما فرق بينهما تفريقاً علمياً؛ لأن المسائل تفرعت عن القواعد العامة، لكنها مما أجمع عليه السلف ومما اعتبر من أصول الدين بعدما تكلمت فيه الفرق.
فالنوع الأول يعبر عنه بأصول الإيمان، وأركان الإيمان، وهي الأركان الستة.
والنوع الثاني -وهو مسائل الإيمان- يشمل أموراً: أولها: تعريف الإيمان.
وثانيها: دخول الأعمال في مسمى الإيمان.
وثالثها: زيادة الإيمان ونقصانه.
ورابعها: الاستثناء في الإيمان.
وبعض أهل العلم زاد فيها مسألة خامسة: وهي الأسماء والأحكام، فبعضهم يلحقها بمسائل الإيمان؛ لأنها ثمرة لها.
والأسماء والأحكام في العقيدة المقصود بها: الأسماء التي نطلقها على العباد المكلفين، ثم الأحكام التي تترتب على هذه الأسماء، مثل: مسلم، مؤمن، فاسق، فاجر، كافر، مشرك إلى آخر ذلك من العبارات، فهذه تسمى أسماء.
فالأسماء: هي الألفاظ التي تطلق على العباد المكلفين بحسب أحوالهم، ثم يترتب على هذه الأسماء أمر آخر يسمى: الأحكام.
فالكافر له أحكام تفصيلية، والمسلم له أحكام، والمؤمن له أحكام تفصيلية، والفاسق الفاجر مرتكب الكبيرة له أحكام تفصيلية، فالأحكام فرع عن الأسماء، أو نتيجة للأسماء، والأسماء والأحكام نتيجة عن مسائل الإيمان.