والولاية شرعاً يحسن أن نشير إليها إجمالاً، فالولاية شرعاً تطلق على ثلاثة أمور: الأمر الأول: ولاية الله لعباده المؤمنين، كما قال تعالى: {اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا} [البقرة:257]، يحبهم، وهو سبحانه حافظهم وناصرهم إلى آخر ذلك مما يتبع لوازم الولاية.
الأمر الثاني: الولاية من المؤمنين لربهم، فالمؤمنون هم أولياء الله، يؤمنون به ويحبونه ويطيعونه ويعبدونه حق عبادته ويتقونه، نسأل الله أن يجعلنا جميعاً منهم.
الأمر الثالث: ولاية المؤمنين بعضهم لبعض، وهي درجات، وهذه الولاية هي الولاية المقبولة الشرعية.
وهناك ولايات لم يرد ذكرها شرعاً، وهي ولايات غير شرعية، بمعنى: أنها لا تقوم على أساس شرعي، كولاية بعض المسلمين للكافرين، فهذه محرمة، وولاية الكافرين بعضهم لبعض، وولاية الطواغيت والشياطين لبعض بني آدم، هذه كلها ولايات تدخل في مفهوم الولاية الاصطلاحي العام، لكنها ليست ولايات مشروعة، فالولايات المشروعة هي ولاية الله لعباده المؤمنين، وولاية المؤمنين لربهم فهم أولياء الله وأحباؤه، وكذلك ولاية المؤمنين بعضهم لبعض، وهي تتفاوت على درجات وشعب كشعب الإيمان، فكما أن الإيمان يزيد وينقص ويتفاوت؛ كذلك الولاية بين المؤمنين تزيد وتنقص وتتفاوت.
قال رحمه الله تعالى: [فالمؤمنون أولياء الله، والله تعالى وليهم، قال الله تعالى: {اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا يُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَوْلِيَاؤُهُمُ الطَّاغُوتُ يُخْرِجُونَهُمْ مِنَ النُّورِ إِلَى الظُّلُمَاتِ} [البقرة:257]، وقال تعالى: {ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ مَوْلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَأَنَّ الْكَافِرِينَ لا مَوْلَى لَهُمْ} [محمد:11]، والمؤمنون بعضهم أولياء بعض، قال تعالى: {وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ} [التوبة:71]، وقال تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالَّذِينَ آوَوا وَنَصَرُوا أُوْلَئِكَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ} [الأنفال:72] إلى آخر السورة، وقال تعالى: {إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ * وَمَنْ يَتَوَلَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا فَإِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْغَالِبُونَ} [المائدة:55 - 56].
فهذه النصوص كلها ثبت فيها موالاة المؤمنين بعضهم لبعض، وأنهم أولياء الله، وأن الله وليهم ومولاهم، فالله يتولى عباده المؤمنين فيحبهم ويحبونه، ويرضى عنهم ويرضون عنه، ومن عادى له ولياً فقد بارزه بالمحاربة].
ذكر الشيخ أنواع الولاية المشروعة في قوله: فهذه النصوص كلها ثبت فيها أولاً: موالاة المؤمنين بعضهم لبعض، وثانياً: أنهم أولياء الله، وثالثاً: أن الله وليهم ومولاهم، فالولايات الثلاث الشرعية ذكرها الشيخ بإيجاز هنا.