قال المصنف رحمه الله تعالى: [قوله: (ولا يخرج العبد من الإيمان إلا بجحود ما أدخله فيه).
يشير الشيخ إلى الرد على الخوارج والمعتزلة في قولهم بخروجه من الإيمان بارتكاب الكبيرة، وفيه تقرير لما قال أولاً: إنه لا يكفر أحداً من أهل القبلة بذنب ما لم يستحله، وتقدم الكلام على هذا المعنى].
كلامه هنا فيه نوع من الإجمال، وبعض الألفاظ فيها اشتباه، وفي الجملة إذا جعلنا هذا الأصل جارياً على أصول أهل السنة والجماعة -وهو -إن شاء الله- مقصود الإمام الطحاوي - فإنه يعني أنه لا يخرج العبد من مسمى الإيمان إلا إذا ترك شيئاً من أصول الدين، بمعنى أنه أنكر شيئاً من أصول الإيمان ولوازم أصول الإيمان التي لا بد منها والتي ثبتت في النصوص، مثل الشفاعة، والرؤية، وكلام الله عز وجل وأنه منزل غير مخلوق؛ فهذه من لوازم الإيمان، وتدخل في أصول الإيمان بالنصوص الشرعية، وليس باللزوم العقلي أو التفريع على القواعد فقط، بل بمقتضى النصوص الشرعية؛ لأن أركان الإيمان وأركان الإسلام لها لوازم.
وفي الأركان العملية خلاف، فهل من أعرض عن الصلاة والصيام والحج والزكاة إعراضاً كلياً يخرج من الإيمان أو لا يخرج؟ هذه مسألة خلافية، إلا أن الصلاة ورد فيها نصوص مستقلة على أنه يخرج تاركها من الإيمان ومن الإسلام، وما عدا ذلك فإن المسألة فيها خلاف، فبعض أهل العلم قال: إن من أعرض عن أركان الإسلام إعراضاً كلياً؛ فلا بد أن يلزم من إعراضه الجحود أو الشك الذي يؤدي إلى الجحود، أو عدم التسليم الذي يخرج به عن مسمى الإيمان.
إذاً: فقوله: (لا يخرج العبد من الإيمان إلا بجحود ما أدخله فيه) يقصد به جحود أصول الدين التي أدخلته في مسمى الإيمان، وهي أركان الإيمان ولوازمها وأركان الإسلام بجملتها ولوازمها.