قال رحمه الله تعالى: [ومن فروعه أن الأنبياء ضيقّوا على الناس، تعالى الله عما يقولون علواً كبيراً]؛ لأنهم حينما أحلوا أشياء وحرموا أشياء، وقالوا: هذه الأعيان فاسدة محرمة، وهذه الأعيان صالحة حلال، وهذا ما يتعلق بالله وأسمائه وصفاته، والله له حقوقه على عباده، فكأن الأنبياء ضيقوا على الناس حين جاءوا بأمور ليس لها أصل، كذا يزعمون، ويؤدي قولهم إلى هذه المزاعم؛ لأن من زعم أن الأعيان واحدة وأنه لا فرق بين الخالق والمخلوق فمعنى هذا: أن ما جاء به الأنبياء من أن الله سبحانه وتعالى له الكمال المطلق، وله حق العبودية والطاعة والتسليم، وأن ما أحله الله هو الحلال، وما حرم الله هو الحرام، كل تلك الأحكام التي جاء بها الأنبياء -إذا قلنا بأنه لا فرق بين الخالق والمخلوق- تكون من باب اللغو والتكلف والتضييق على الناس، وهذا من باب الإلزام العقلي، وإلا فهم قد لا يدعون هذا؛ لأنهم يخافون على رقابهم، وقد لا يصرحون بالكفر، لكن يلبسون الحق بالباطل.